للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فصيحا بليغا لبيبا، استمال قلوب العبيد من الزّنج بالبصرة ونواحيها، فاجتمع إليه منهم خلق كثيرون وناس آخرون من غيرهم، وعظم شأنه وقويت شوكته وكان في مبدإ حاله فقيرا لا يملك سوى ثلاثة أسياف، حتّى إنّه أهدي له فرس فلم يكن له لجام ولا سرج يركبه بهما فركبه بحبل. فاتفقت له حروب وغزوات نصر فيها فأثرى [١] بسببها وعظم حاله ونهبه وانبثّ عسكر السّودان في البلاد العراقية والبحرين وهجر، ونهد [٢] إليه الموفّق طلحة بعساكر كثيفة، فالتقيا بين البصرة وواسط ودامت الحرب بينهما سنين كثيرة وبنوا مدائن هناك وأقام كلّ من الفريقين يرابط للفريق الآخر، وفي آخر الأمر كانت الغلبة للجيش العبّاسي، فأبادوهم قتلا وأسرا، وقتل صاحب الزّنج وانتهت مدينته، وكان قد بناها وسمّاها «المختارة» وحمل رأسه إلى بغداد، وكان يوما مشهودا.

وقيل: إنّ عدد القتلى في تلك الوقائع كان ألفي ألف وخمسمائة ألف إنسان ومات المعتمد سنة تسع وسبعين ومائتين.

شرح حال الوزارة في أيّامه

قد تقدّم أنّ أخاه الموفّق كان هو المستولي على الخلافة، فكان يعزل الوزراء ويولّيهم.

[وزارة أبي الحسن عبيد الله بن يحيى بن خاقان للمعتمد]

لما ولي الخلافة المعتمد اتّفقت الآراء على عبيد الله بن خاقان، فأحضر واستوزر على كره شديد منه، وتقصّ وتنصّل، وكان عبيد الله خبيرا بأحوال الرّعايا، والأعمال ضابطا للأموال، وقد تقدّم ذكره في خلافة المتوكّل.


[١] أثرى: آل إلى الثراء والغنى. اغتنى.
[٢] نهد إليه: برز وتصدّى.

<<  <   >  >>