للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما الوصيّة: فأوص بما بدا لك. فأوصى، ثمّ حمله إلى منزل الرّشيد وعدل به إلى قبّة وضرب عنقه وأتى برأسه على ترس إلى الرشيد وببدنه في نطع، ووجّه الرشيد فقبض على أبيه وإخوته وأهله وأصحابه، وحبسهم بالرقة واستأصل شأفتهم ومن طريف ما وقع في ذلك، ما رواه العمرانيّ المؤرّخ قال: حدّث فلان قال: دخلت الديوان فنظرت في بعض تذاكر النّواب، فرأيت فيها أربعمائة ألف دينار ثم خلعة لجعفر بن يحيى الوزير، ثمّ دخلت بعد أيّام فرأيت تحت ذلك عشرة قراريط ثمن نفط وبواري لإحراق جثّة جعفر بن يحيى فعجبت من ذلك.

ثم استوزر الرّشيد بعد البرامكة الفضل بن الرّبيع وكان حاجبه.

وزارة أبي العبّاس الفضل بن الرّبيع

قد مضى ذكر أبيه، وأمّا الفضل فكان حاجبا للمنصور والمهديّ والهادي والرشيد، فلما نكب الرشيد البرامكة استوزره بعدهم.

كان الفضل بن الربيع شهما خبيرا بأحوال الملوك وآدابهم، ولمّا ولي الوزارة تهوّس بالأدب، وجمع إليه أهل العلم، فحصل منه ما أراد في مدّة يسيرة، وكان أبو نواس [١] من شعرائه المنقطعين إليه، فمن شعره في آل الربيع:

عبّاس عبّاس إذا اضطرم الوغى ... والفضل فضل والربيع ربيع

(كامل) وما زال الفضل بن الربيع على وزارته إلى أن مات الرشيد بطوس، فجمع الفضل العسكر وما فيه، ورجع إلى بغداد، وسيرد باقي سيرته في أيّام الأمين.

انفضت أيّام الرّشيد.


[١] أبو نواس: هو الحسن بن هانئ. اشتهر بشعر المجون والخمريّات. نادم الخلفاء العباسيين ووزراءهم في عصره ويقال إنّه ارتجع وتزهّد في آخر عمره. توفي عام/ ١٩٥/ هـ.

<<  <   >  >>