للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نوروز [١]- وقد أهدى الناس إلى خالد هدايا فيها جامات [٢] من فضّة وذهب

ليت شعري أما لنا منك حظّ ... يا هدايا الوزير في النّوروز

ما على خالد بن برمك في الجو ... د نوال ينيله بعزيز

ليت لي جام فضّة من هداياه ... ، سوى ما به الأمير مجيزي

(خفيف) فأمر له بجميع ما كان حاضرا بين يديه من الجامات والأواني الفضيّة والذهبيّة فبلغت مالا جليلا.

ولما تولى المنصور الخلافة أقرّه على وزارته، وأكرمه واستشاره.

انقضت وزارة السفّاح، وبانقضائها انقضى الكلام على دولته.

ثمّ ملك بعد أخوه أبو جعفر المنصور

بويع في سنة مائة وستّ وثلاثين.

ذكر شيء من سيرته، وما وقع في أيّامه من الحوادث والوقائع.

كان المنصور من عظماء الملوك وحزمائهم وعقلائهم وعلمائهم، وذوي الآراء الصائبة منهم والتدبيرات السديدة، وقورا شديد الوقار، حسن الخلق في الخلوة، من أشدّ الناس احتمالا لما يكون من عبث أو مزاح، فإذا لبس ثيابه وخرج إلى المجلس العامّ، تغير لونه واحمرّت عيناه، وانقلبت جميع أوصافه. قال يوما لبنيه: يا بنيّ: إذا رأيتموني قد لبست ثيابي وخرجت إلى المجلس، فلا يدنونّ أحد منّي مخافة أن أعرّه [٣] بشيء. قالوا: وكان المنصور يلبس الخشن وربّما رقع قميصه. وقيل ذلك لجعفر بن محمّد الصادق- عليهما السّلام- فقال: الحمد للَّه الّذي ابتلاه بفقر نفسه في ملكه. قالوا: ولم يكن يرى في دار المنصور لهو ولعب أو ما يشبه اللهو واللّعب.


[١] يوم النّوروز أو النّيروز: أشهر أعياد الفرس في أول الربيع.
[٢] الجامات: جمع جام، وهو الكأس أو شبهه.
[٣] عرّه: ساءه. آذاه.

<<  <   >  >>