تأدّب محمّد وبرع في كلّ شيء فاستوزره المأمون وفوّض إليه جميع الأمور، كان محمّد شاعرا فصيحا، فمن شعره:
لقد فتنت بمقلتها فتون ... وخانت في الهوى من لا يخون
وتزعم أنّني أهوى سواها ... فكيف وما تخطّتها العيون
أيا من حبّها في القلب منّي ... مكان الروح مستتر كمين
ويا من تدّعي أني خؤون ... وهذا في هواها لا يكون
خذي عهدي على عيني وطرفي ... وحسبك ضامنا أني أمين
(وافر) ومات المأمون وهو وزيره.
انقضت أيام المأمون ووزرائه.
ثمّ ملك بعده أخوه المعتصم أبو إسحاق محمّد
بويع يوم وفاة المأمون، وقد تقدّم ذكر السّنة، كان المعتصم سديد الرأي شديد المنّة، يحمل ألف رطل ويمشي بها خطوات، وكان موصوفا بالشجاعة، وسمّي: المثمّن من أحد عشر وجها: هو الولد الثامن من العبّاس، والثامن من الخلفاء، وتولّى الخلافة وعمره ثماني عشرة سنة [١] ، وكانت خلافته ثماني سنين وثمانية أشهر، وتوفّي وله ثمان وأربعون سنة، وولد في شعبان وهو الشّهر الثامن وخلّف ثمانية ذكور، وثماني بنات وغزا ثماني غزوات، وخلّف ثمانية آلاف ألف درهم.
كانت أيام المعتصم أيّام فتوح وحروب، وهو الّذي فتح عمّورية.
[١] قوله وعمره ثماني عشرة سنة: زعم غير صحيح. ويردّه أن خلافة المعتصم استمرّت ثماني سنوات وثمانية أشهر وقد توفّي عن عمر ثماني وأربعين سنة.