للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

درهم، على أن يبعث الخليفة إليه بخلعة السلطنة والمنشور. فبعث الراضي إليه بذلك على يد رسول أرسله إليه وأوصاه ألا يسلّم الخلعة [١] والمنشور إليه حتى يقبض منه المال، فلمّا وصل الرسول إليه غالطه وأخذ الخلعة منه فلبسها، والمنشور فقرأه على رءوس الأشهاد، وقويت نفسه بذلك ووعد الرّسول بالمال ودافعه مدّة، فمات الرسول عنده، وتقلبت الأحوال بالخلافة فكسر المال واستبدّ بالأمر. وكان عماد الدولة أوّل ملوكهم، ثمّ ملك منهم واحد بعد واحد حتى انقضت دولتهم.

وأما انتهاؤها ففي آخر أمرها ضعف حالها، وما زال يتزايد ضعفها حتى انتهت نوبة الملك إلى عزّ الدولة بن جلال الدولة أبي طاهر، فجرى بينه وبين كاليجار حروب أفضت إلى أنّه هرب منه وأقام بشيراز ومات في سنة إحدى وأربعين وأربعمائة وعليه انقرض ملكهم.

ثمّ ملك بعد القاهر ابن أخيه الراضي باللَّه

هو أبو العبّاس محمّد بن المقتدر بن المعتضد. بويع في سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة.

كان شاعرا فصيحا لبيبا ختم الخلفاء في أشياء، منها: أنّه آخر خليفة دوّن له شعر، وآخر خليفة انفرد بتدبير الملك، وآخر خليفة خطب على منبر يوم الجمعة وآخر خليفة جالس الندماء ووصل إليه العلماء، وآخر خليفة كانت مراتبه وجوائزه وخدمه وحجّابه تجري على قواعد الخلفاء المتقدّمين.

وفي أيّامه سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة عظم أمر مرداويج بأصبهان، وهو رجل خرج بتلك النواحي، وقيل: إنه يريد أن يأخذ بغداد وينقل الدولة إلى الفرس ويبطل دولة العرب، فورد الخبر في أيّام الراضي بأن غلمان مرداويج اتّفقوا عليه فقتلوه.


[١] الخلعة: بكسر الخاء، الثوب. وبضمّ الخاء، الهديّة من المال.

<<  <   >  >>