كان كريما، قيل عنه: إنّه كان قبل الوزارة يتولّى بعض الدواوين فعزل عنه وله به استحقاق مبلغه ألف دينار، فتلطّف بالذي تولّى بعده حتّى كتب له وأحاله بذلك على بعض النوّاب، فلمّا حصل المال كتب ذلك النائب إلى عيسى بن فرخان شاه يعلمه أن المال قد حصل، ويستأذنه في حمله إليه- وكان صديقا له- فكتب إليه، إنّ فلانا الشاعر لازمني مدّة، وما حصل له من جهتي شيء، فادفع هذا المال إليه، فدفع المال إلى الشاعر فأخذه وانصرف، وجرت بسببه أيضا فتنة بين الأتراك فعزله المعتزّ.
وزارة أبي جعفر أحمد بن إسرائيل الأنباريّ للمعتزّ
كان أحد الكتّاب الحذّاق الأذكياء، قالوا: كان يحفظ وجوه المال جميعها دخلا وخرجا على ذهنه، وقالوا: إنّه ضاعت مرّة حسبة من الدّيوان فأوردها من خاطره فلمّا وجدت الحسبة كانت كما قال من غير زيادة ولا نقيصة، ثم إنّ الأتراك وثبوا على أحمد بن إسرائيل فأخذوه وضربوه واستصفوا أمواله، وشفع فيه المعتزّ وأمّه إلى متقدم الأتراك- وهو صالح بن وصيف- فلم يلتفت إليهما وحبسه، وضربه بعد ذلك في أيام المهتدي حتّى مات.
ولمّا فعل صالح بن وصيف بأحمد بن إسرائيل ما فعل، استحضر جعفر بن محمود الإسكافي واستوزره ثانية- وقد سبق ذكره- ولمّا تولى الوزارة في المرّة الثانية قال بعض الشّعراء:
يا نفس لا تولعي بتفنيد [١] ... وعلّلي القلب بالمواعيد
وانتظري قد رأيت ما ساقه ... الله إلى جعفر بن محمود