للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وزارة إبراهيم بن ذكوان الحرّانيّ للهادي

كان إبراهيم قد اتّصل بالهادي في أيّام حداثته [١] ، كان يدخل إليه مع معلّم كان يعلم الهادي، فخفّ إبراهيم على قلب الهادي وصار لا يصبر عنه، ثمّ سعى به إلى المهديّ فكره لابنه صحبته، فنهاه عنه فما انتهى، فتهدّده بالقتل، والهادي لا يباعده فاشتدّت به السّعايات إلى المهديّ، فأرسل إلى ابنه الهادي أن أرسل إليّ إبراهيم الحرّانيّ وإلا خلعتك من الخلافة، فأرسله إليه صحبة بعض خدمه مرفّها، فوصل إليه والمهديّ يريد الركوب إلى الصّيد، فلمّا رآه قال: يا إبراهيم، والله لأقتلنّك، والله لأقتلنّك والله لأقتلنّك. ثم قال: احفظوه حتّى أعود من الصّيد. فأقبل على الدّعاء والتضرّع فاتّفق أنّ المهديّ أكل الطّعام المسموم كما تقدّم شرحه فمات من ساعته، وتخلّص الحرّانيّ وجلس الهادي على سرير الخلافة. ثم بعد ذلك بمديدة [٢] استوزر الحرّانيّ، ولم تطل الأيّام حتى مات الهادي.

انقضت أيّام الهادي ووزرائه. ثمّ ملك بعده أخوه هارون الرّشيد.

خلافة هارون الرّشيد

بويع بالخلافة في سنة سبعين ومائة.

كان الرشيد من أفاضل الخلفاء وفصحائهم، وعلمائهم وكرمائهم. كان يحجّ سنة ويغزو سنة، كذلك مدّة خلافته إلا سنين قليلة. قالوا: وكان يصلّي في كلّ يوم مائة ركعة، وحجّ ماشيا، ولم يحجّ خليفة ماشيا غيره. وكان إذا حجّ حجّ معه مائة


[١] أيام حداثته: أيّام صباه.
[٢] مديدة: مدّة قصيرة.

<<  <   >  >>