وزر له لمّا مات عبيد الله بن يحيى، استوزر المعتمد الحسن بن مخلد [١] ، وكان كاتبا لأخيه الموفّق، فاجتمعت له وزارة المعتمد، وكتابة الموفّق، كان الحسن بن مخلد من دير قنّى، ويقال: إنّ أباه كان معبرانيا، فخرج من ابنه ما خرج، وكان الحسن أحد كتّاب الدّنيا، قالوا: كان له دفتر صغير يعمله بيده، فيه أصول أموال الممالك ومحمولاتها بتواريخها، فلا ينام كلّ ليلة حتّى يقرأه، ويتحقّق ما فيه، بحيث لو سئل الغد عن شيء كان منه، أجاب من خاطره بغير توقف ولا مراجعة دستور، قال الحسن بن مخلد: كنت مرّة واقفا بين يدي الموفّق بن المتوكّل فرأيته يلمس ثوبه بيده، وقال لي: يا حسن، قد أعجبني هذا الثوب، كم عندنا في الخزائن منه. فأخرجت في الحال من خفّي دستورا فيه جمل ما في الخزائن من الأمتعة والثياب مفصّلة، فوجدت فيها من جنس ذلك الثوب ستّة آلاف ثوب، فقال لي: يا حسن، نحن عراة، اكتب إلى البلاد في استعمال ثلاثين ألف ثوب من جنسه وحملها في أسرع مدّة.
ثمّ عزله المعتمد واستوزر سليمان بن وهب، وقد سبق وصف طرف من حاله وشرعت من تلك الأيام دولة بني وهب نتبع.
وزارة أبي الصّقر إسماعيل بن بلبل
استوزره الموفّق لأخيه المعتمد. وكان أبو الصّفر كريما مطعاما متجمّلا، بلغ من الوزارة مبلغا عظيما، وجمع له السيف والقلم، فنظر في أمر العساكر أيضا وسمّي الوزير الشّكور، كان في صباه على طريقة غير مرضية، فبلغ ما بلغ، ومدحه الشّعراء كالبحتريّ، وابن الروميّ، وغيرهما، وهجوه، وكان أبو الصّقر ينتسب إلى بني شيبان ورأيت نسبه مرفوعا إلى شيبان بخطّ بعض النسّاب، وقوم
[١] الحسن بن مخلد: جاء في الأعلام للزركلي ما خلاصته أنه وزير من الكتّاب، له علم بالأدب استوزره المعتمد سنة/ ٢٦٣/ هـ ثم عزله وأعاده وعزله سنة/ ٢٦٥/ هـ. طلبه أحمد بن طولون إلى مصر فحمل إليه فحبسه بأنطاكيّة فمات فيها/ ٢٦٩/ هـ.