للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قد رجع الحقّ إلى نصابه ... وأنت من دون الورى أولى به

ما كنت إلا السّيف سلّته يد ... ثمّ أعادته إلى قرابه [١]

(رجز) ولما عاد إلى الوزارة فرح النّاس به فرحا شديدا، فيقال: إنّ سقّاء ذبح ثورا له لم يكن يملك غيره وتصدّق بلحمه، فأعطاه الوزير بغلا بآلته، وأعطاه معه شيئا من الذّهب.

وزارة رئيس الرّؤساء عليّ بن الحسين بن أحمد ابن محمّد عمر بن المسلمة

كان وزير القائم قبل ابن جهير. ومن أجله وقعت فتنة البساسيري، وكان قبل الوزارة أحد المعدّلين [٢] ببغداد، وممّن له معرفة بالفقه. وأنس بالعلم ورواية الحديث وجلّ أمره، وعظمت منزلته، ووقع بينه شرّ وبين البساسيري أبي الحارث التّركيّ وكان أحد الأمراء فاقتضى الحال أنّ البساسيريّ هرب، ثمّ جمع الجموع وورد إلى بغداد واستولى عليها، ثم ظفر بابن المسلمة رئيس الرّؤساء فمثّل به.

فمن جملة ما فعل به، أنّه حبسه ثمّ أخرجه مقيّدا وعليه جبة صوف وطرطور [٣] من لبد أحمر، وفي رقبته مخنقة فيها جلود مقطّعة شبيهة بالتّعاويذ، وأركب حمارا وطيف به في المحال ووراءه من يضربه بجلد وينادي عليه، ورئيس الرّؤساء يقرأ: قُلِ اللَّهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ من تَشاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ ٣: ٢٦ [٤] وشهّره في البلد.

فلمّا اجتاز بالكرخ نثر عليه أهل الكرخ المداسات الخلّع وبصقوا في وجهه ووقف بإزاء دار الخلافة من الجانب الغربيّ، ثمّ أعيد وقد نصبت له خشبة في


[١] قراب السّيف: غمده.
[٢] المعدّلين: المشهود لهم بالعدل.
[٣] الطرطور: قلنسوة طويلة دقيقة الرأس، واللّبد: الصوف المتلبّد.
[٤] سورة آل عمران، الآية ٢٣.

<<  <   >  >>