المسلمون عونا له وليمكّنوه من المراعي والمساكن، فنزل بالجند وشرع في غزو من قاربه من أصناف التّرك وكان لملك التّرك إتاوة [١] على تلك البلاد المتاخمة له فقطعها سلجوق وطرد نوّابه ومات سلجوق وعمره مائة سنة. ثمّ نشأ أولاده في القوّة والنّعمة والدّولة، واستولوا على كلّ موضع استضعفوه من بلاد العجم، وما زال أمرهم ينمى حتى ملك طغرلبك (وهو أوّل سلاطينهم) طائفة من بلاد العجم، وما زال أمره يقوى حتّى تغلّب البساسيري على بغداد ونهبها وقتل من بها. وأخرج الخليفة القائم فحبسه بقلعة الحديثة وكانت فتنة البساسيري فتنة عظيمة، فحينئذ كتب القائم إلى طغرلبك السّلطان يستدعيه إلى بغداد لينصره على البساسيري، فسار طغرلبك بعساكره إلى بغداد فلمّا سمع البساسيريّ بذلك انتفض عليه أمره وفارق بغداد، دخل طغرلبك إلى بغداد، وأعاد رونق الدولة الخليفيّة وخطب له بالسّلطنة على منابر بغداد، وكان ذلك أوّل سلطنتهم بالحضرة وأمّا انتهاؤها: فإنّها ما زالت أمورها تضعف حتّى انقرضت بالكليّة في أيّام النّاصر، وذلك في سنة تسعين وخمسمائة فتعالى الله! ومات القائم في سنة سبع وستين وأربعمائة.