للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشّيعة بالكوفة وصار بعد ذلك وزيرا للسفّاح، ثم قتله السفّاح، وسيرد ذكره عند ذكر الوزراء. فأخلى لهم أبو سلمة الخلال دارا بالكوفة، وأمر لهم بها، وتولّى خدمتهم بنفسه، وكتم أمرهم، واجتمعت الشّيعة إليه، وقويت شوكتهم. فوصل أبو مسلم بالجنود من خراسان إلى الكوفة. فدخل على بني العبّاس وقال: أيكم ابن الحارثية؟ فقال له المنصور: هذا- وأشار إلى السفّاح وكانت أمّه حارثيّة- فسلّم أبو مسلم عليه بالخلافة [١] بين يديه إلى الجامع، فصلّى وصعد المنبر وأظهر الدّعوة وخطب الناس وبويع بالخلافة. وذلك في سنة مائة واثنتين وثلاثين، وهذا أوّل دولة بني العبّاس، وآخر دولة بني أميّة.

ثم عسكر السفّاح ظاهر الكوفة، ووفد عليه الناس من الأمصار يبايعونه.

فلمّا اجتمع عنده النّاس وقويت شوكته، ندب رجلا من أقاربه لقتال مروان الحمار، فانتدب لذلك عمّه عبد الله بن عليّ وكان من رجال بني العبّاس، فتوجّه عبد الله بن عليّ إلى مروان فلقيه بالزّاب [٢] ، ومع مروان مائة وعشرون ألف مقاتل ولا يكون مع عبد الله بن عليّ إلا الأقلّ من ذلك فصنع الله تعالى لعبد الله بن عليّ أنواع الصّنع، وخذل مروان كلّ الخذلان، فانظر واعتبر!.

شرح كيفيّة الوقعة بالزّاب وخذلان مروان وانهزامه

لما التقى على الزّاب مروان الحمار وعبد الله بن عليّ، قال مروان لبعض أصحابه إن غابت شمس هذا النهار ولم يقاتلون [٣] فالخلافة فينا، ونحن نسلّمها في آخر الزمان إلى المسيح عليه السّلام، وأمر أصحابه بالكفّ عن القتال، وقصد أن ينقضي النّهار ولا يقع قتال. ثم أرسل إلى عبد الله بن عليّ يسأله الموادعة، فقال


[١] فسلّم أبو مسلم عليه بالخلافة: تمام العبارة بعدها [وخرج السفّاح ومعه إخوته وعمومته وأقاربه وأكابر الشيعة وأبو مسلم بين يديه إلى الجامع، فصلّى..] . انظر طبعة بيروت ص ١٤٦، وألما ص ١٧٢، ورحما ص ١٠٥.
[٢] الزّاب: اسم لرافدين من روافد نهر دجلة. وقد جرت الموقعة بين مروان بن محمّد وعبد الله بن عليّ على الزاب الكبير ويلتقي بدجلة جنوب الموصل.
[٣] يقاتلون: الصواب فيها: يقاتلونا. انظر طبعة بيروت ص ١٤٦، وألما ص ١٧٣ ورحما ص ١٠٦.

<<  <   >  >>