وزارة أبي الفتح الفضل بن جعفر بن الفرات للراضي باللَّه
لما استولى أمير الأمراء ابن رائق على الأمور أشار على الراضي باللَّه بأن يولّي الوزارة للفضل بن الفرات، ظنّا منه أنّه يجنذب له الأموال، فأحضره الراضي وقلّده الوزارة.
حدّث أبو الحسن بن ثابت بن سنان، عن أبي الحسن عليّ بن هشام قال:
لما تقلّد الفضل بن جعفر بن الفرات الوزارة لقيت ابن مقلة وكان معزولا مستترا فقلت له: يقبح بك يا سيّدنا أن تتأخّر عن لقاء هذا الوزير وتهنئته بوزارته، فقال:
ما آمنه ولا لي حاجة إلى الاجتماع به، فقلت: ينبغي أن تكتب إليه رقعة تعتذر فيها عن تأخّرك وتهنّئه تهنئة تقوم مقام حضورك، فقال: أخاف أن يجيبني بما يستدعي حضوري وأنشدني لنفسه:
وقائلة: قد أضعت الصّواب ... بتركك هذا الوزير الجديدا
فقلت لها: لا عداك السّرور ... ولا كان قولك إلا سديدا
أمثلي تطاوعه نفسه ... على أن يرى خاضعا مستزيدا
(متقارب) كان رجلا متهوّرا وسيع الصّدر شريف النّفس عالي الهمّة، تنقّل في الخدمات وتقلّبت به الأحوال من عسر ويسر، ومصادرة وعزل، حتّى أدّى به سعة صدره وقوّة نفسه وكبر همّته إلى جمع العساكر وركوب الأخطار. ثم تغلّب على أعمال خوزستان والبصرة، فاستوزره الراضي، ثمّ عزله وقلّد الوزارة سليمان بن الحسن بن مخلد، وقد مرّ ذكره فلا حاجة إلى إعادته، وهو آخر وزرائه.
انقضت أيام الراضي باللَّه بن المقتدر ووزرائه.
ثمّ ملك بعده أخوه المتّقي باللَّه أبو إسحاق إبراهيم بن المقتدر باللَّه
بويع له سنة تسع وعشرين وثلاثمائة، ولم يكن له من السّيرة ما يؤثر واضطربت عليه الأمور، واستولى عليه رجل من أمراء الدّيلم يقال له: