للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[وزارة أحمد بن يوسف بن القاسم للمأمون]

كان من الموالي، وكان كاتبا فاضلا، أديبا شاعرا، فطنا بصيرا بأدوات الملك وآداب السّلاطين، قالوا لما مات أحمد بن أبي خالد استشار المأمون الحسن ابن سهل فيمن يولّيه الوزارة، فأشار عليه بأحمد بن يوسف، وأبي عباد بن يحيى، وقال: هما أعرف الناس بطبع أمير المؤمنين، فقال له: اختر أحدهما، فاختار له أحمد بن يوسف ففوّض المأمون إليه وزارته، استشار المأمون أحمد بن يوسف في رجل، فوصفه أحمد بن يوسف وذكر محاسنه، فقال له المأمون يا أحمد، لقد مدحته على سوء رأيك فيه ومعاداته لك! فقال أحمد: لأنّي لك كما قال الشّاعر:

كفى ثمنا بما أسديت [١] أنّي ... صدقتك في الصّديق وفي عدائي

وأني حين تندبني [٢] لأمر ... يكون هواك أغلب من هوائي [٣]

(وافر) وله أشعار حسنة فمنها:

قلبي يحبّك يا منى ... قلبي ويبغض من يحبّك

لأكون فردا في هواك ... فليت شعري كيف قلبك؟!

(كامل) وأهدى يوم نوروز إلى المأمون هديّة قيمتها ألف ألف درهم، وكتب معها:

على العبد حقّ فهو لا بدّ فاعله ... وإن عظم المولى وجلّت فواضله

ألم ترنا نهدي إلى الله ماله ... وإن كان عنه ذا غنى فهو قابله

(طويل) فقال المأمون: عاقل أهدى حسنا، وكان سبب موته أنه دخل يوما إلى المأمون والمأمون يتبخّر، فأخرج المأمون المجمرة من تحته وقال: اجعلوها تحت أحمد- تكرمة له- فنقل أعداؤه إلى المأمون أنه قال: ما هذا البخل بالبخور؟ هلّا


[١] أسديت: قدّمت من فضل.
[٢] تندبني للأمر: تختارني له وتكلّفني به.
[٣] هوائي: المقصود هنا رغبتي واختياري، عاطفتي، والأصل فيها: الهوى.

<<  <   >  >>