للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كفرت بالمقدار [١] إن لم تكن ... قد جزت في ذا كلّ مقدار

(سريع) فمكث مدّة في وزارة المعتصم، حتّى ورد كتاب من بعض العمّال يذكر فيه خصب الناحية وكثرة الكلإ، فسأل المعتصم أحمد بن عمّار عن الكلإ فلم يدر ما يقول فدعا محمّد بن عبد الملك الزيّات، وكان أحد خواصّه وأتباعه فسأله عن الكلإ، فقال: أوّل النبات يسمّى بقلا، فإذا طال قليلا فهو كالكلإ، فإذا يبس وجفّ فهو الحشيش فقال المعتصم لأحمد بن عمّار: انظر أنت الدّواوين وهذا يعرض عليّ الكتب، ثم استوزره، وصرف ابن عمّار صرفا جميلا.

وزارة محمّد بن عبد الملك الزيّات للمعتصم

كان أبوه تاجرا في أيّام المأمون موسرا، ونشأ محمّد فتأدّب وقرأ وفهم، وكان ذكيّا فبرع في كلّ شيء حتّى صار نادرة وقته عقلا وفهما، وذكاء وكتابة، وشعرا وأدبا وخبرة بآداب الرّئاسة، وقواعد الملوك، حتّى كانت أيّام المعتصم فاستوزره على ما تقدّم شرحه، فنهض بأعباء الوزارة نهوضا لم يكن لمن تقدّمه من أضرابه، وكان جبّارا متكبّرا، فظّا غليظ القلب، خشن الجانب مبغضا إلى الخلق، ومات المعتصم وهو وزيره وكان المعتصم قد أمر لابنه الواثق بمال، وأحال به على ابن الزيّات فمنعه، وأشار على المعتصم ألا يعطيه شيئا، فقبل المعتصم قوله ورجع فيما كان أمر به للواثق من ذلك فكتب بخطه كتابا بالحجّ والعتق والصّدقة أنه إن ولي الخلافة ليقتلنّ ابن الزيّات شرّ قتلة.

فلمّا مات المعتصم وجلس الواثق على سرير الخلافة ذكر حديث ابن الزيات فأراد أن يعاجله فخاف ألّا يجد مثله، فقال للحاجب: أدخل إليّ عشرة من الكتّاب فلما دخلوا عليه اختبرهم فما كان فيهم من أرضاه، فقال للحاجب: أدخل من الملك


[١] المقدار الأولى: عنى بها القضاء والقدر. المقدار الثانية: المنزلة والمكانة كالوظيفة والمركز الرسميّ.

<<  <   >  >>