فقال: قد عفونا عنه، فلينصرف. ورأى المنصور يوما في بستانه شجيرة من شجر الخلاف [١] فلم يدر ما هي، فقال: يا ربيع ما هذه الشجرة؟ فقال الربيع:
إجماع ووفاق، وكره أن يقال: خلاف، فاستعقله المنصور واستحسن قوله.
ولم يزل الربيع وزيرا للمنصور إلى أن مات المنصور، وقام الربيع بأخذ البيعة للمهديّ على ما تقدّم وصفه، وهو آخر وزراء المنصور، وقتله الهادي، وكان سبب قتله أنّه أهدى جارية حسناء إلى المهديّ بن المنصور، فوهبها المهديّ لابنه موسى الهادي فغلب حبّها عليه وأولدها أولاده فلما صار الهادي خليفة، سعى إليه أعداء الربيع فناوله الهادي قدحا فيه عسل مسموم. فشربه فمات ليومه، وذلك في سنة سبعين ومائة.
انقضت أيام المنصور ووزرائه.
ثمّ ملك بعده ابنه محمّد المهديّ
هو أبو عبد الله محمّد المهديّ بن أبي جعفر المنصور، وقد مرّ نسبه.
بويع له بالخلافة بمكة، في سنة ثمان وخمسين ومائة.
كان المهديّ شهما فطنا كريما شديدا على أهل الإلحاد والزّندقة. لا تأخذه في إهلاكهم لومة لائم، وكانت أيّامه شبيهة بأيّام أبيه في الفتوق والحوادث والخوارج وكان يجلس في كلّ وقت لردّ المظالم.
روي عنه: أنه كان إذا جلس للمظالم قال: أدخلوا عليّ القضاة، فلو لم يكن ردّي للمظالم إلا للحياء منهم لكفى!.
وحدّث عنه: أنّه خرج متنزّها ومعه رجل من خواصّه اسمه عمرو، فانقطعا في الصّيد عن العسكر فجاع المهديّ، فقال: هل من شيء يؤكل؟ فقال له