للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كلّهم إلى صرصر فتلقوه هناك، فلمّا وقعت عين عضد الدين أستاذ الدار على الوزير أراد عضد الدين أن يترجّل، فصاح به الوزير: والله لئن ترجّلت ترجّلت أنا أيضا، فتقدّمه [١] ، ثمّ اعتنقا على ظهور الدّوابّ، وسار بين يديه ووصل الوزير إلى محاذاة التاج [٢] ، وعبر في سفينة وحضر بين يدي الخليفة فشافهه بالوزارة، وخلعت عليه خلع الوزارة، وأكّد عليه النهوض بالمهام الدّيوانيّة فنهض بأعباء الوزارة، وما زال أمره على السّداد إلى أن جرى للمستنجد ما جرى، من تغلب عضد الدين أستاذ الدّار وأكابر الأمراء عليه وإدخاله الحمّام وهو مريض حتّى مات من الحرارة، ثم إنّ عضد الدين أستاذ الدّار أخرج ولده المستضيء وبايعه، وشرط عليه شروطا وأحلفه عليها أيمانا مؤكّدة، منها أن يكون هو وزيرا، وأن يكون ولده أستاذ الدار، وفلان أمير العسكر، وفلان كذا وكذا، فالتزم المستضيء لهم بذلك وحلف أيمانا غليظة، ثمّ بويع المستضيء في باطن الدّار البيعة الخاصّة، واستدعي الوزير ابن البلديّ ليبايع فلما حضر الدار عدل به إلى مكان وضربت عنقه، وأخرج فرمي على مزبلة بباب المراتب، ثمّ سحب وألقي في دجلة، وكان حسن الطّريقة مشكور الأخلاق.

انقضت أيّام المستنجد ووزرائه.

ثمّ ملك بعده ولده المستضيء أبو محمّد الحسن بن المستنجد باللَّه

بويع في سنة ستّ وستين وخمسمائة، ولم يكن بسيرته بأس، وفي أيّامه وردت البشائر إلى بغداد بفتح مصر وانقراض الدّولة الفاطميّة.


[١] في الأصل (فخدمه) ، ولعلّ الصواب (فتقدّمه) كما يقتضي المعنى. المحقق.
[٢] التاج: قصر الخلافة في بغداد.

<<  <   >  >>