ينال بالظنّ ما يعيا العيان له ... والشّاهدان عليه: العين والأثر
(بسيط) ومات عبيد الله في سنة ثمان وثمانين ومائتين.
انقضت أيّام المعتمد ووزرائه.
ثمّ ملك بعده المعتضد ابن أخيه
هو أبو العبّاس أحمد بن الموفّق طلحة بن المتوكّل، بويع سنة تسع وسبعين ومائتين، كان المعتضد شهما عاقلا فاضلا، حمدت سيرته، ولي والدّنيا خراب والثغور مهملة، فقام قياما مرضيا حتّى عمرت مملكته، وكثرت الأموال، وضبطت الثّغور، وكان قويّ السياسة شديدا على أهل الفساد حاسما لمواد أطماع عساكره عن أذى الرعيّة، محسنا إلى بني عمّه من آل أبي طالب، وكانت أيّامه أيّام فتوق وخوارج كثيرين، منهم عمرو بن الليث الصفّار، كان قد عظم شأنه وفخم، واستولى على أكثر بلاد العجم، وكان يقول: لو شئت أن أعقد على نهر بلخ جسرا من ذهب لفعلت وكان مطبخه يحمل على ستّمائة جمل، فآلت عاقبته إلى القيد والأسر والذلّ، فقام المعتضد في إصلاح المتشعّب من مملكته، والعدل في رعيّته، حتّى مات وفي الخزائن بضعة عشر ألف ألف دينار (الألف مكرّرة مرتين) ومات سنة تسع وثمانين ومائتين.
[شرح حال الوزارة في أيامه]
أقرّ عبيد الله بن سليمان على وزارته، وقد مضى نبذة من أخباره، فلمّا مات عبيد الله عزم المعتضد على أن يستأصل شأفة أولاده ويستصفي أموالهم، فحضر القاسم بن عبيد الله واستعان بيدر المعتضديّ، وكتب خطّا بألفي ألف دينار فاستوزره المعتضد.