للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ابن داود، فلما قبض عليه أحضر الفيض واستوزره وفوّض الأمور إليه. ومات المهديّ وهو وزيره، فلمّا ولي الهادي لم يستوزره. وبقي الفيض إلى أوّل أيّام الرّشيد، ثمّ مات، وذلك في سنة ثلاث وسبعين ومائة.

انقضت أيّام المهديّ ووزرائه ثمّ ملك بعده ابنه موسى الهادي

بويع له بالخلافة في سنة تسع وستّين ومائة.

كان الهادي متيقّظا غيورا، كريما شهما أيّدا، شديد البطش جريء القلب مجتمع الحسّ، ذا إقدام وعزم وحزم. حدّث عبد الله بن مالك- وكان يتولّى شرطة المهديّ- قال: كان المهديّ يأمرني بضرب ندماء الهادي ومغنّيه وحبسهم صيانة له عنهم، فكنت أفعل ما يأمرني به المهديّ. وكان الهادي يرسل إليّ في التخفيف عنهم فلا أفعل، فلمّا مات المهديّ وولي الهادي، أيقنت بالتلف، فاستحضرني يوما، فدخلت عليه وهو جالس على كرسيّ- والسّيف والنّطع بين يديه، فسلّمت، فقال: لا سلّم الله عليك، أتذكر يوم بعثت إليك في أمر الحرّاني وضربه فلم تقبل قولي؟ وكذلك فعلت في فلان- وعدّد ندماءه فلم تلتفت إلى قولي قلت: نعم، أفتأذن في ذكر الحجّة؟ قال: نعم، قلت: ناشدتك الله، لو أنّك قلّدتني ما قلّدني المهديّ، وأمرتني بما أمر، فبعث إليّ بعض بنيك بما يخالف أمرك فاتّبعت قوله وتركت قولك، أكان يسرّك ذلك؟ قال: لا، قلت: فكذلك أنا لك، وكذلك كنت لأبيك. فاستدناني فقبّلت يده، ثمّ: أمر لي: بالخلع، وقال: وليتك ما كنت تتولاه، فامض راشدا. فمضيت مفكّرا في أمري وأمره، وقلت: حدث يشرب، والقوم الذين عصيته في أمرهم ندماؤه ووزراؤه وكتّابه وكأني بهم حين

<<  <   >  >>