للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم سارت وشيّعها عليه السلام أميالا، وأرسل بنيه معها مسيرة يوم، وتوجّهت إلى مكّة وأقامت بها إلى أيّام الحجّ، ثم حجّت وانصرفت إلى المدينة، وكانت وقعة الجمل في سنة ستّ وثلاثين من الهجرة. ومن وقائعها المشهورة وقعة صفّين:

شرح كيفيّة الحال في ذلك

لما انصرف أمير المؤمنين- عليه السّلام- من وقعة الجمل، أرسل إلى معاوية- رضي الله عنه- يعرّفه اجتماع الناس على بيعته، ويعلمه ما كان من وقعة الجمل ويأمره بالدخول فيما دخل فيه المهاجرون والأنصار. وكان معاوية- رضي الله عنه- أميرا بالشأم من قبل عثمان- رضي الله عنه- وكان ابن عمّه [١] فلمّا ورد إلى معاوية- رضي الله عنه- رسول أمير المؤمنين عليّ- عليه السّلام- خاف معاوية- رضي الله عنه- من عليّ- عليه السّلام- وعلم أنّه متى استتبّ الأمر عزله ولم يستعمله. وقد كان ابن عبّاس [٢] والمغيرة [٣] بن شعبة- رضي الله عنهما- أشارا على أمير المؤمنين- عليه السّلام- أن يقرّ معاوية- رضي الله عنه- بالشأم مدّة حتى يبايع الناس ويتمكّن ثم يعزله بعد ذلك. فلم يطعهما عليه السّلام، وقال: إني إن أقررته على إمارته ولو يوما واحدا، كنت عاصيا في ذلك اليوم الله تعالى. ولم تكن الخدع والحيل من مذهب عليّ- عليه السّلام- ولم يكن عنده غير مرّ الحقّ. فحين ورد الرسول إلى معاوية- رضي الله عنه- طاوله، ثم استشار بعمرو بن العاص- رضي الله عنه- وكان أحد الدّهاة، وكان معاوية- رضي الله عنه- قد تألّفه واستماله ليتقوّى برأيه ودهائه


[١] قوله: (كان ابن عمّه: قصد أنّ معاوية كان ابن عمّ لعثمان بن عفّان من جهة جدّهما أبي العاص بن أميّة ومعاوية هو ابن أبي سفيان بن حرب بن أميّة.
[٢] ابن عبّاس: هو عبد الله بن عباس بن عبد المطّلب الصحابي المحدّث العالم، توفي/ ٦٨/ هـ.
[٣] المغيرة بن شعبة: صحابي من دهاة العرب كان واليا على البصرة لعمر ثم لعثمان، توفي/ ٥٠/ هـ.

<<  <   >  >>