للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أبي طالب لا يبرز له أحد إلا قتله؟!.

وقال معاوية يوما لجلسائه: ما أعجب الأشياء؟ فقال يزيد: أعجب الأشياء هذا السّحاب الراكد بين السماء والأرض، لا يدعمه شيء من تحته، ولا هو منوط بشيء من فوقه. وقال أخر: أعجب الأشياء حظّ يناله جاهل، وحرمان يناله عاقل. وقال آخر: أعجب الأشياء ما لم ير مثله. وقال عمرو بن العاص: أعجب الأشياء أن المبطل يغلب المحقّ (يعرّض بعليّ عليه السلام ومعاوية) فقال معاوية بل أعجب الأشياء أن يعطى الإنسان ما لا يستحقّ إذا كان لا يخاف. (يعرض بعمرو ومصر) فنفث كلّ منهما بما في صدره من الآخر!.

واعلم أنّ معاوية كان مربّي دول، وسائس أمم، وراعي ممالك. ابتكر في الدولة أشياء لم يسبقه أحد إليها، منها: أنّه أوّل من وضع الحشم للملوك، ورفع الحراب بين أيديهم، ووضع المقصورة التي يصلّي الملك أو الخليفة بها في الجامع منفردا من الناس. وذلك لخوفه ممّا جرى لأمير المؤمنين- عليه السّلام- فصار يصلّي منفردا في مقصورة، فإذا سجد قام الحرس على رأسه بالسيوف. وهو أوّل من وضع البريد لوصول الأخبار بسرعة.

[كلام في معنى البريد]

البريد: أن يجعل خيل مضمرات في عدّة أماكن، فإذا وصل صاحب الخبر المسرع إلى مكان منها، وقد تعب فرسه، ركب غيره فرسا مستريحا. وكذلك يفعل في المكان الآخر حتّى يصل بسرعة. وأمّا معناه اللغويّ: فالبريد هو اثنا عشر ميلا. وأظنّ أن الغاية التي كانوا قدّروها بين بريد وبريد، هي هذا القدر.

وقال الصاحب علاء الدين عطا ملك في جهان كشاي: «ومن جملة الأشياء وضعهم البريد بكلّ مكان طلبا لحفظ الأموال، وسرعة وصول الأخبار ومتجدّدات الأحوال» وما أرى للبريد فائدة سوى سرعة وصول الأخبار فأمّا حفظ الأموال: فأيّ تعلّق له بذلك؟!.

<<  <   >  >>