للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نسب الغزّالي إلى الغزّالين، وكان يجالسهم كثيرا. ورأيت في تسمية الغزّاليّ وجها آخر: قيل: كان من رأيه الصّدقة على النساء العجائز اللواتي يحضرن إلى دار الغزل ليبعن غزلهنّ، فيرى ضعفهن وفقرهنّ ونزارة [١] مكسبهنّ، فيرقّ لهنّ فيتصدّق عليهنّ كثيرا، ويأمر بالصّدقة عليهنّ فنسب إلى ذلك. وثانيها، أنه كان له حوانيت يعمل فيها الخلّ فنسب إلى ذلك وثالثها أنها نسبة إلى خلل السّيوف، وهي أغمادها.

كان أبو سلمة من مياسير [٢] أهل الكوفة، وكان ينفق ماله على رجال الدعوة وكان سبب وصلته إلى بني العبّاس أنه كان صهرا لبكير بن ماهان، وكان بكير بن ماهان كاتبا خصيصا بإبراهيم الإمام فلمّا أدركته الوفاة قال لإبراهيم الإمام إن لي صهرا بالكوفة يقال له أبو سلمة الخلال. قد جعلته عوضي في القيام بأمر دعوتكم. ثم مات فكتب إبراهيم الإمام إلى أبي سلمة يعلمه بذلك ويأمره بما يريد من أمر الدعوة وقام أبو سلمة بأمر دعوتهم قياما عظيما فلما سبر [٣] أحوال بني العبّاس عزم على العدول عنهم إلى بني عليّ- عليه السّلام- فكاتب ثلاثة من أعيانهم:

جعفر بن محمّد الصادق- عليهما السّلام- وعبد الله المحض بن حسن بن حسن ابن عليّ بن أبي طالب- عليهم السّلام- وعمر الأشرف بن زين العابدين- عليه السّلام- وأرسل الكتب مع رجل من مواليهم، وقال له: اقصد أوّلا جعفر بن محمّد الصادق، فإن أجاب فأبطل الكتابين الآخرين، وإن لم يجب فالق عبد الله المحض، فإن أجاب فأبطل كتاب عمر، وإن لم يجب فالق عمر، فذهب الرسول إلى جعفر ابن محمّد- عليه السّلام- أوّلا، ودفع إليه كتاب أبي سلمة فقال ما لي ولأبي سلمة وهو شيعة [٤] لغيري؟ فقال له الرسول: اقرأ الكتاب فقال الصادق- عليه السّلام- لخادمه: أدن السّراج مني، فأدناه، فوضع الكتاب على النار حتّى احترق فقال


[١] النّزارة: القلّة، النّزر: القليل.
[٢] مياسير: جمع ميسور وهو ذو الثراء واليسر، الغنيّ.
[٣] سبر: اختبر. قاس بالمسبار. المسبار: مقياس الطبيب لعمق الجرح.
[٤] الشّيعة: التابع الموالي. المؤيّد.

<<  <   >  >>