للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعليّ- رضي الله عنهم- على الترتيب الّذي وقع، ثمّ بالدولة التي تسلّمت الملك منها وهي الدولة الأمويّة، ثم بالدولة التي تسلّمت الملك منها وهي الدولة الأموية، ثم بالدولة التي تسلمت الملك منها، وهي الدولة العبّاسيّة ثمّ بالدول التي وقعت في أثناء الدّول الكبار، كدولة بني بويه، وكدولة بني سلجوق وكدولة الفاطميين بمصر على وجه الإيجاز، فإنّها دول وقعت في أثناء دولة بني العبّاس ولكنها لم تكن طاعتها عامة، فأتكلّم على دولة دولة بمجموع ما حصل في ذهني من الهيئة الاجتماعية التي أفادتنيها مطالعة السّير والتواريخ، فأذكر كيف كان ابتداؤها وانتهاؤها، وطرفا ممتعا من محاسن ملوكها، وأخبار سلاطينها، فإن شذّ شيء من أحوالها عن ذهني، واحتجت إلى إثباته: من حكاية ظريفة، أو بيت شعر نادر، أو آية أو حديث نبوي، أخذته من مظانّه، ثم إذا ذكرت دولة فدولة تكلّمت على كلّيات أمورها، ثم ذكرت واحدا واحدا من ملوكها، وما جرى في أيّامه من الوقائع المشهورة والحوادث المأثورة، فإذا انقضت أيّام ذلك الملك، ذكرت وزراءه واحدا واحدا وظرائف ما جرى لهم، فإذا انقضت أيام الملك ووزرائه ابتدأت بالملك الّذي بعده وبما جرى في أيّامه، وبسير وزرائه كذلك، إلى آخر الدّولة العبّاسية.

والتزمت فيه أمرين: أحدهما: ألّا أميل فيه إلّا مع الحقّ، ولا أنطق فيه إلّا بالعدل، وأن أعزل سلطان الهوى، وأخرج من حكم المنشأ والمربى، وأفرض نفسي غريبا منهم، وأجنبيّا بينهم. وثانيهما: أن أعبّر عن المعاني بعبارات واضحة تقرب من الأفهام لينتفع بها كلّ أحد، عادلا عن العبارات المستصعبة التي يقصد فيها إظهار الفصاحة، وإثبات البلاغة، فطالما رأيت مصنّفي الكتب قد اعترضتهم محبّة إظهار الفصاحة والبلاغة فخفيت أغراضهم، واعتاصت معانيهم، فقلّت الفائدة بمصنّفاتهم من ذلك كتاب القانون في الطبّ لأبي عليّ الحسين [١] بن سينا البخاريّ، فإنّه حشاه بالعبارات الغامضة، والتّراكيب المستغلقة، فبطل غرضه من


[١] هو الحسين بن عبد الله أبو علي بن سينا، نشأ وتعلّم في بخارى وإليها نسب، له حوالي مائة تصنيف أشهرها القانون في الطبّ، وهو عالم وفيلسوف وطبيب وشاعر متعدّد الجوانب. توفي/ ٤٢٩/ هـ.

<<  <   >  >>