كفى لك فخرا أنّ أكرم حرّة ... غذتك بثدي والخليفة واحد
لقد زنت يحيى في المشاهد كلّها ... كما زان يحيى خالدا في المشاهد
(طويل) ولّاه الرشيد خراسان فخرج إليه أبو الهول الشاعر مادحا. معتذرا من شعر كان هجاه به، فأنشده:
سرى نحوه من غضبة الفضل عارض ... له لجة فيها البوارق والرّعد
وكيف ينام الليل ملق فراشه ... على مدرج يعتاده الأسد الورد
وما لي إلى الفضل بن يحيى بن خالد ... من الجرم ما يخشى على مثله الحقد
فجد بالرّضا لا أبتغي منك غيره ... ورأيك فيما كنت عوّدتني بعد
(طويل) فقال له الفضل: لا أحتمل تفريقك بين رضاي وإحساني، وهما مقرونان فإن أردتهما معا وإلّا فدعهما معا، ثم وصله ورضي عنه.
حدّث إسحاق بن إبراهيم الموصلي، قال: كنت قد ربّيت جارية حسنة الوجه وثقفتها وعلّمتها حتّى برعت، ثم أهديتها إلى الفضل بن يحيى، فقال لي:
يا إسحاق إن رسول صاحب مصر قد ورد إليّ يسألني حاجة أقترحها عليه، فدع هذه الجارية عندك فإنّني سأطلبها وأعلمه أني أريدها، فإنّه سوف يحضر إليك يساومك فيها، فلا تأخذ فيها أقلّ من خمسين ألف دينار، قال إسحاق: فمضيت بالجارية إلى منزلي، فجاء إليّ رسول صاحب مصر وسألني عن الجارية، فأخرجتها إليه، فبذل فيها عشرة آلاف دينار فامتنعت، فصعد إلى عشرين ألف دينار، فامتنعت، فصعد إلى ثلاثين ألفا، فما ملكت نفسي حتى قلت له: بعتك، وسلّمت الجارية إليه وقبضت منه المال، ثم إنني أتيت من الغد إلى الفضل بن يحيى، فقال لي:
يا إسحاق: بكم بعت الجارية؟ قلت بثلاثين ألف دينار، قال: ألم أقل لك لا تأخذ منه أقلّ من خمسين ألفا؟ قلت: فداك أبي وأمي والله ما ملكت نفسي منذ سمعت لفظة ثلاثين ألفا! فتبسّم ثمّ قال: إنّ رسول صاحب الروم قد سألني أيضا حاجة، وسأقترح عليه هذه الجارية وأدلّه عليك، فخذ جاريتك وانصرف إلى منزلك، فإذا