للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

طلب الأرّجاني الشاعر من الوزير أنوشروان خيمة، فأرسل إليه بدنانير كثيرة وقال له- اشتر بها خيمة، فقال الأرّجاني في ذلك.

للَّه درّ ابن خالد رجلا ... أحيا لنا الجود بعد ما ذهبا

سألته خيمة ألوذ بها ... فجاد لي ملء خيمة ذهبا

(منسرح) وكان أنوشروان بن خالد كثير التّواضع مشهورا بذلك، يقوم لكلّ من يدخل عليه، فهجاه ابن الهبّاريّة الشاعر بقوله:

هذا تواضعك المشهور عن ضعة ... تبدو فمن أجلها بالكبر تتّهم

قعدت عن صلة الراجي وقمت له ... فذا وثوب على الطّلاب لا لهم

وفيه يقول أيضا يشير إلى كثرة قيامه: (بسيط)

رأيت مشروبه يعبى ... مزاودا في يد الغلام

فما به حاجة إليه ... فإنّه دائم القيام

(بسيط) وكان بين أنوشروان بن خالد وبين الوزير الزينبيّ عداوة وتباغض وتنافس على الوزارة، فعزل الوزير الزينبيّ وتولى أنوشروان بن خالد، فتقرّب الناس إليه بثلب الزينبيّ فدخل الحيص بيص [١] الشاعر عليه وأنشده قصيدة أوّلها:

شكرا لدهري بالضّمير وبالفم ... لمّا أعاض بمنعم عن منعم

(كامل) يشير إلى أنوشروان وإلى الزّينبيّ، فاستحسن النّاس منه ذلك واستدلّوا به على وفاته وحرّيته ثمّ إنّ أنوشروان بن خالد مات، وأعيد الزينبيّ إلى الوزارة، فتقرّب الناس إليه بمسبّة أنوشروان، فدخل عليه الحيص بيص وأنشده:

بقيت ولا زلت بك النّعل إنّني ... فقدت اصطباري يوم فقد ابن خالد

(طويل) ومات أنوشروان في سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة.

انقضت أيّام المسترشد باللَّه ووزرائه.


[١] الحيص بيص: سعد بن محمّد التميميّ. شاعر بغداديّ مشهور. نشأ فقيها، وغلب عليه الأدب والشعر، عمّر اثنين وثمانين عاما، وكانت وفاته/ ٥٧٤/ هـ.

<<  <   >  >>