للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفتيان صدق لست مطلع بعضهم ... على سرّ بعض غير أنّي جماعها [١]

لكلّ امرئ شعب من القلب فارغ ... وموضع نجوى لا يرام اطّلاعها

يظلّون شتّى في البلاد وسرّهم ... إلى صخرة أعيا الرجال انصداعها

(طويل) ومن جيّد ما قيل في ذلك:

لا تسألي القوم: ما مالي وكثرته ... وسائلي القوم: ما مجدي وما خلقي

هل أطعن الطعنة النجلاء عن عرض ... وأكتم السّرّ فيه ضربة العنق

(بسيط) ومن جيّده قول الصابئ:

فقل لصديقي كن على السّرّ آمنا ... إذا لم يكن بيني وبينك ثالث

(طويل) وقال الآخر:

وإنك كلّما استودعت سرّا ... أنمّ من النّسيم على الرّياض [٢]

(وافر) ولمؤلّف هذا الكتاب في ذلك من جملة أبيات:

وما احتفر الأصحاب للسرّ حفرة ... كصدري ولو جار الشّراب على عقلي

(طويل) وقوله في ذلك أيضا:

وإن يكن الزجاج ينمّ طبعا ... فسيّدنا أنمّ من الزّجاج

(وافر) ومن الأمور التي يجب تدقيق الفكر فيها، والتثبّت التامّ والتأني في تأمّلها:

حديث السّعايات والنمائم. فكم من نمّام أو ساع قد شفى غيظه بإيقاع مسكين بين يدي ملك قاهر، في تهمة هو بريء منها، ثم اشتبه الأمر على الحاكم فأهلك الرجل البريء بغير ذنب، ثم لمّا علم ندم حين لا ينفع الندم، فعمّ الضرر بذلك الساعي


[١] جماعها: جامعها وكاتمها.
[٢] قوله «أنم من النسيم على الرياض» كناية عن البوح بالسرّ وإفشائه.

<<  <   >  >>