للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

غمسته معك في هذه الفتنة، ولكن هل لك في إحياء اسم عمر بن الخطاب؟ وندبه إلى عبد الله بن عمر فأباه عمرو. فلما لم يتفقا قال له عمرو: يا أبا موسى فأي شيء هو رأيك؟ قال أبو موسى: رأيي أن نخلع عليّا ومعاوية- رضي الله عنهما- من هذا الأمر ونريح الناس من هذه الفتنة، وندع أمر الناس شورى فيختار المسلمون لأمرهم من يجمعون عليه. قال عمرو- رضي الله عنه- نعم ما رأيت وأنا معك على ذلك. ولاح لعمرو وجه الحيلة. وكان قد عوّد أبا موسى الأشعريّ أن يتقدّمه في الكلام، يقول له: أنت صاحب رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- وأكبر سنّا. فتعوّد أبو موسى أن يتكلّم قبل عمرو فتقدم أبو موسى وقال: إني وعمرا قد اتفقنا على أمر نرجو فيه صلاح المسلمين. فتقدم عمرو وقال: صدق وبرّ، تقدّم يا أبا موسى: وأعلم الناس بما اتفقنا عليه فقام ابن عباس وقال لأبي موسى ويحك إني لأظنّه قد خدعك، وقد أوهمك أنه اتّفق معك على ما تريد، ثمّ قدّمك لتعترف به، فإذا اعترفت أنكره، فإنّه رجل غادر. فإن كنتما قد اتفقتما على شيء فقدّمه ليقوله قبلك: فقال أبو موسى: إنّا قد اتفقنا، ثم قال إننا قد اتّفقنا على أن نخلع عليّا ومعاوية وندع أمر المسلمين شورى، يختارون من أجمعوا عليه. وإني قد خلعت عليّا ومعاوية من الخلافة كما يخلع الخاتم من الإصبع. فتقدّم عمرو بن العاص- رضي الله عنه- وقال أيّها الناس قد سمعتم ما قال، وأنّه قد خلع صاحبه، وأنا أيضا قد خلعته معه وأثبتّ صاحبي معاوية، فأنكر أبو موسى وقال: إنّه غدر وكذب، وما على هذا اتّفقنا. فلم يستمع إليه، وتفرّق الناس، ومضى عمرو بن العاص وأهل الشام إلى معاوية وسلّموا عليه بالخلافة، ومضى ابن عبّاس وأصحاب عليّ- عليه السّلام- إلى أمير المؤمنين وأخبروه بما جرى وأمّا أبو موسى: فإن أهل الشأم تطلّبوه فهرب إلى مكّة، وعلى ذلك انفصل أمر صفّين وكان ابتداؤه في سنة ست وثلاثين وانقضاؤها [١] في سنة سبع وثلاثين


[١] صحيحه وانقضاؤه. كذا في طبعة بيروت ص/ ٩٣/، وفي رحما ص/ ٦٨/.

<<  <   >  >>