للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>


= عن حبيب، لكنها عن ضعفاء ومتكلم فيهم فلذا أعرضت عن ذكرها.
وأشار ابن حجر إلى هذا الاختلاف فأعلَّ الحديث بالاضطراب كما في الفتح (٤/ ١٩١).
قلت: أما الاضطراب فيمكن أن ينفى بما سبق ذكره، وأن أصح الطرق في ذلك طريق شعبة والثوري ولا خلاف بينهما، فإذا رجع الحديث إلى حبيب عن أبي المطوس، أو حبيب عن عمارة، عن أبي المطوس فهو معلول بثلاث علل أخر، اثنتان منها فيها نظر.
الأولى: جهالة أبي المطوس.
قال أحمد: "لا أعرفه ولا أعرف حديثَه عن غيره". تهذيب التهذيب (١٢/ ٢٦٠).
وتقدّم فيه قول البخاري.
وقال ابن حبان: "يروي عن أبيه ما لا يُتابع عليه، لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد". المجروحين (٣/ ١٥٧).
وتعقبه ابن حجر بقوله: "وإذا لم يكن له إلا هذا الحديث فلا معنى لهذا الكلام".
وقال ابن معين: "ثقة". ذكره الدارقطني في العلل (٨/ ٢٧٣) بإسناده إلى ابن أبي خيثمة عنه.
وقال في التقريب (رقم: ٨٣٧٤): "ليّن الحديث".
قلت: والأقرب أن يكون صدوقًا لتوثيق ابن معين له، ومن عرف حجة على من لم يعرف.
والعلة الثانية: الشك في سماع أبيه من أبي هريرة.
قال البخاري: "لا أدري سمع أبوه من أبي هريرة أم لا".
قال ابن حجر: "وهذه تختص بطريقة البخاري في اشتراط اللقاء". الفتح (٤/ ١٩١).
قلت: البخاري لم ينف السماع، بل توقف في ذلك.
العلة الثالثة: جهالة أبيه.
ذكره ابن حبان في الثقات (٥/ ٤٦٥)، ولم يوثقه غيرُه، ولم يرو عنه سوى ابنه، وقال ابن حجر: "مجهول". التقريب (رقم: ٦٧١٤). وانظر: تهذيب الكمال (٢٨/ ٨٩).
فالحديث فيه نظر، والله أعلم.
ولعل المصنف أورد هذا الحديث لبيان أن المراد من حديث أبي هريرة (حديث الباب) أن الرجل أفطر بالجماع؛ إذ لو كان المراد به الإفطار المطلق سواء كان بجماع أو غيره لما جعل له النبي كفارة وقضاء يوم؛ إذ إن صيام الدهر كله لا يقضي عنه صيام ذلك اليوم، فعليه يُحمل حديث أبي هريرة المتقدم على الإفطار بالجماع، وهو قول الجمهور، فما أُطلق في حديث مالك يُحمل على ما قيّد في حديث أصحاب ابن شهاب، والقصة واحدة والمخرج متحد، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>