للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي هذا أيضًا نظر؛ لأنَّ أبا هريرة لَم يَشهدْ فتحَ خيبر، وإنَّما قدِمَ المدينةَ مهاجرًا والنبيُّ بخيبر فخرجَ إليه ووَصَلَ بعد فتحِها، هكذا روى عَنبسةُ، عنه قال: "أتيتُ رسول الله وهو بخيبر بعدما افتتحوها فقلت: اسهِم لي". خرّجه البخاري في الجهاد (١)، وانظر القصَّةَ في المغازي (٢).


(١) الصحيح كتاب: الجهاد، باب: الكافر يقتل المسلمَ، ثم يسلم فيسدّد بعد ويقتل (٣/ ٢٨٦) (رقم: ٢٨٢٧)، وعنبسة هو ابن سعيد بن العاص الأموي.
(٢) الصحيح، كتاب: المغازي، باب: غزوة خيبر (٥/ ٩٨) (رقم: ٤٢٣٧ - ٤٢٤١).
ويمكن حمل قوله: "خرجنا"، "افتتحنا"، أنَّ المراد بذلك المسلمون، وقد أشار ابن حجر إلى هذا فقال: "ورواية أبي إسحاق الفزاري التي في هذا الباب تسلم من هذا الاعتراض بأن يحمل قوله: "افتتحنا"، أي المسلمون وقد تقدم نظير ذلك قريبا، وروى البيهقي في الدلائل [٤/ ٢٧٠، وفي سنده الواقدي وهو متروك] من وجه آخر عن أبي هريرة قال: "خرجنا مع النبي من خيبر إلى واد القرى"، فلعل هذا أصل الحديث". الفتح (٧/ ٥٥٨).
وقال في النكت الظراف (٩/ ٤٥٨: "ولعل المراد من قوله: خرجنا إلى خيبر، خرجنا من خيبر".
واعتذر أبو مسعود الدمشقي للبخاري ومسلم في إخراجهما هذا الحديث من طريق مالك أنّهما أرادا من الحديث نفسه قصة مِدعم في غلول الشملة التي لم تصبها القاسم، وأن النبي قال: "إنها لتشتعل عليه نارًا"، قال: "ولا يشك أحد من أهل العلم أنَّ أبا هريرة كان قد شهد قسم النبي غنائم خيبر … فإن كان ثورٌ وهم في قوله: خرجنا؛ فإنَّ القصة المرادة من نفس الحديث صحيحة". الأجوبة عما أشكل الدارقطني على صحيح مسلم (ص: ١٨٩ - ١٩٠).
قلت: والأولى في هذا أن يُحمل قوله "خرجنا"، و "افتتحنا"، أي خرج المسلمون وافتتح المسلمون، وهذا سائغ ومستعمل عند السلف، وقد تقدّم نظير ذلك، والأمثلة في ذلك. انظر: (٢/ ٥٠٩)، وهذا أولى من تخطئة مثل الإمام مالك، أو ثور بن زيد، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>