للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقول عائشة في هذا الحديث: "أفرد الحج"، أبين من قولها في الحديث الذي قبله: "أهلّ بالحج"، إذ ليس في قولها: "أهلّ بالحج"، ما يمنع من الإهلال بالعمرة، ولفظ الإفراد أبعد من الاحتمال، وهكذا قال القاسم عنها: "أفرد الحج" (١).

وروت أم علقمة عن عائشة: "أن النبي أفرد الحج، ولم يعتمر"، خرَّجه الطحاوي في معاني الآثار (٢).

واحتج بها من ذهب إلى أن النبي قرن، فقال: معناه: أهلّ بالحج وحده في وقت، وإن كان قد أهلّ بالعمرة في وقت آخر (٣).


(١) تقدّم حديثه (٣/ ٥).
(٢) أخرجه في شرح معاني الآثار (٢/ ١٤٠) من طريق ابن أبي الزناد، وأحمد في المسند (٦/ ٩٢) وإسحاق في مسنده (٢/ ٤٥٥) (رقم: ٤٨٣) والحميدي في مسنده (١/ ١٠٢) (رقم: ٢٠٤) من طريق عبد العزيز الدراوردي كلاهما عن علقمة عن أمه به.
والحديث صحيح ما عدا لفظة "ولم يعتمر" فإنها غير محفوظة، لأنَّ مدارها على عبد الرحمن بن أبي الزناد، وقد تكلم فيه، قال الحافظ في التقريب: (٣٨٦١): "صدوق تغير حفظه لما قدم بغداد"، وتابعه الدراوردي لكنه مثله، فقد قال أبو زرعة فيما نقل عنه ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (٥/ ٣٩٦): "عبد العزيز الدراوردي سيء الحفظ، فربما حدث من حفظه الشيء فيخطيء"، وقد رواه مالك من طريق عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة ومن طريق الأسود عن عروة عن عائشة، والبيهقيُّ في السنن الكبرى (٥/ ٣) من الزهري عن عروة عن عائشة وليس فيه: "ولم يعتمر" وقد رواه أحمد (٦/ ٩٢، ١٠٧)، وإسحاق في مسنده (٢/ ١٧٦) (رقم: ١٣٥) من طريق هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة وفيه هذا اللفظ، لكن مداره على الداروردي المذكور.
(٣) قال الطحاوي في معنى حديث أم علقمة عن عائشة: يجوز أن تكون تريد بذلك أنَّه لم يعتمر في وقت إحرامه بالحج كما فعل بعض من كان معه، ولكنه اعتمر بعد ذلك. شرح معاني الآثار (٢/ ١٤٣).
قلت: ظاهر كلامه أن النبي أحرم بعمرة بعد خروجه من الحج، وهذا لم يقله أحد من الصحابة ولا التابعين، ولا الأئمة الأربعة، ولا أحد من أئمّة الحديث، كما قال ابن القيِّم في زاد المعاد (٢/ ١٢١). =

<<  <  ج: ص:  >  >>