للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= الشيوخ، قال: وهؤلاء جماعة كثيرون، فذكر منهم جرير بن حازم وعدّ من أوهامه هذا الحديث.
وأما حديث عائشة بنت طلحة عنها:
فأخرجه الطحاوي في شرح معانى الآثار (٢/ ١٠٩) من طريق الشافعي، عن سفيان بن عيينة، عن طلحة بن يحيى بن طلحة، عن عمته عائشة بنت طلحة، عن عائشة قالت: دخل عليَّ رسول الله فقلت: يا رسول الله إنّا قد خّبأنا لك حيسًا، فقال: "أما إني كنت أريد الصوم، ولكن قرّبيه، سأصوم يوما مكان ذلك".
وهكذا أخرجه الدارقطني في السنن (٢/ ١٧٧)، والبيهقي في السنن الكبرى (٤/ ٢٧٥) من طريق محمد بن عمرو بن العباس الباهلي، عن سفيان به.
والحديث صحيح، ما عدا اللفظة الأخيرة منه، وهي: "سأصوم يوما مكان ذلك"، فإنها شاذّة تفرّد بها سفيان بن عيينة عن بقية أصحاب طلحة الثقات.
فإن الحديث رواه مسلم في صحيحه كتاب: الصيام، باب: جواز صوم النافلة … (٢/ ٨٠٨) (رقم: ١٦٩، ١٧٠) من طريق عبد الواحد بن زياد ووكيع.
والدارقطني في السنن (٢/ ١٧٦ - ١٧٧) من طريق سفيان الثوري، كلهم عن طلحة بن يحيى به، من غير هذه الزيادة.
وهذه الزيادة حدّث بها ابن عيينة في آخر حياته، فقد قال الشافعي : "سمعت سفيان بن عيينة عامة مجالستي إياه لا يذكر فيه: "سأصوم يوما مكانه ذلك"، ثم إني عرضت عليه الحديث قبل أن يموت بسنة فأجاز فيه: "سأصوم يوما مكان ذلك""، ذكره الطحاوي في شرح المعاني (٩/ ١٠٢) عقِب روايته لهذا الحديث، وكذا البيهقي في السنن الكبرى (٤/ ٢٧٥)، وعلّق (أي البيهقي) عليه بمقوله: "وروايته عامة دهره لهذا الحديث لا يذكر فيه هذا اللفظ مع رواية الجماعة عن طلحة بن يحيى لا يذكره منهم أحدٌ، منهم: سفيان الثوري، وشعبة بن الحجاج، وعبد الواحد بن زياد، ووكيع بن الجراح، ويحيى بن سعيد القطان، ويعلى بن عُبيد، وغيرهم تدل على خطأ هذه اللفظة".
هذا وكان الدارقطني يرى أن الخطأ من عمرو بن العباس الباهلي؛ لأنه قال: لم يروه بهذا اللفظ عن ابن عيينة غير الباهلي، لم يُتابع عليه.
لكن تقدّم عند الطحاوي أن الشافعي أَيضا رواه عن ابن عيينة كذلك، ولذلك ردّ البيهقي عليه قائلا: "ويزعم (أي الدارقطني) أنه لم يروه بهذا اللفظ غيره ولم يتابع عليه، وليس كذلك فقد حدّث به ابن عيينة في آخر عمره، وهو عند أهل العلم بالحديث غير محفوظ".

<<  <  ج: ص:  >  >>