للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإلي هذا ذهب ربيعة الرأي (١)، كان يُنكر حديث بُسرة ويقول: "وَيحَكم مثل هذا يأخذ به أحد ويعمل بحديث بسرة، والله لو أن بسرة شَهِدت علي هذا النعل لما أجزتُ شهادتها، وإنَّما قِوامُ الدين الصلاة، وقوام الصلاة الطهور، فلم يكن من صحابة رسول الله من يقيم هذا الدين إلا بسرة". ذكره الطحاوي في معاني الآثار، وفيه غلو (٢).

واحتج من نَصَر هذا القول بأنَّ عمر بن الخطاب ردّ حديث فاطمة بنت قيس لانفرادها به، وقال: "لا نُجيز في ديننا قول امرأة" (٣).


(١) عدم جواز العمل بخبر الواحد فيما تعمّ به البلوي هو مذهب عامة الحنفية كما قال ابن الهمام، والمراد بـ (ما تعم به البلوي) هو أن يحتاج إليه الكل حاجة متأكّدة تقتضي السؤال عنه مع كثيرة تكرّره كما قال الأمير باشا والزرقاني.
وبهذا ردّوا حديث بسرة وقالوا: إن أمر النواقض مما يحتاج الخاص والعام إليه، وقد انفردت به بسرة من بين سائر الصحابة فلا يُقبل، لكن سيأتي أن بسرة لم تنفرد به.
انظر: الفقيه والمتفقه (١/ ١٦٥)، وأصول السرخسي (١/ ٣٦٨)، والمبسوط (١/ ٦٦)، والبدائع (١/ ١٤٩).
(٢) انظر شرح معاني الآثار (١/ ٧١).
وحقًّا ففيه غلو وإسراف من القول لا ينبغي أن يُقال في شأن صحابية لها سابقة قديمة وهجرة كما قال الشافعي، بل كانت من المبايعات كما قاله مصعب الزبيري، هذا علي فرض ثبوته عن ربيعة، والظاهر عدم ثبوته؛ لأن الطحاوي أورده من طريق ابن وهب عن زيد، عن ربيعة، وزيدٌ مجهول، قال أبوالتراب رشد الله السندي: "إن لم يكن زيد بن الحباب المذكور فلا أعرفه".
قلت: زيد بن الحباب وإن كان المزي ذكره في شيوخ ابن وهب، لكن لم يذكر ربيعة الرأي في شيوخه، وعلي هذا فهو مجهول لا يُعرف.
انظر: تاريخ ابن أبي خيثمة (ص: ١٦٢ - رسالة كمال)، وطبقات ابن سعد (٨/ ١٩٣)، ومعرفة السنن والآثار (١/ ٣٩٥)، والاستيعاب (١٢/ ٢٢٦)، وتهذيب الكمال (١٠/ ٤١)، و (١٦/ ٢٧٧)، وكشف الأستار تلخيص مغاني الأخيار عن رجال معاني الآثار (ص: ٣٨).
(٣) روي مسلم في صحيحه كتاب: الطلاق، باب: المطلقة ثلاثا لا نفقة لها (٢/ ١١١٨) (رقم: ٤٦)، وأبو داود في السنن كتاب: الطلاق، باب: من أنكر علي فاطمة بنت قيس (٢/ ٧١٧) =

<<  <  ج: ص:  >  >>