للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذه قصة مشهورة مستفيضة كانت بالخندق يوم الأحزاب (١).

وقد قال أبو سعيد في حديثه: كان ذلك قبل أن ينزل: ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا﴾، يريد أن هذه الآية نسخت تأخير الصلاة عند الاشتغال بالحرب، وفي ذلك نظر (٢).


(١) الطرق المتقدمة كافية في الدلالة على شهرة القصة واستفاضتها وقد وردت أيضًا من حديث ابن مسعود عند مسلم في الصحيح (١/ ٤٣٧) (رقم: ٢٠٦)، ومن حديث حذيفة عند البزار (٧/ ٣٠٨) (رقم: ٢٩٠٦ - البحر الزخار-)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (٧/ ١٤٨) (رقم: ٢٨٩١)، ومن حديث ابن عباس عند الطحاوي في شرح معاني الآثار (١/ ١٧٤).
(٢) مذهب أكثر أهل العلم عدم جواز تأخير الصلاة عن وقتها بحال من الأحوال، وأنه إذا اشتدّ الخوف بالمسلمين والتحم القتال يصلون رجالًا أو ركبانًا إلى القبلة أو إلى غيرها كيفما أمكنهم؛ لقوله تعالى: ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا﴾، ولما رواه البخاري ومسلم عن ابن عمر: فإن كان خوف أشدّ من ذلك، صلَّوا رجالًا قيامًا على أقدامهم، وركبانًا مستقبلي القبلة وغير مستقبليها. وذهب أبو حنيفة، وابن أبي ليلى، ومكحول والأوزاعي إلى جواز تأخير الصلاة في تلك الحالة ومن أدلّتهم في ذلك تأخير النبي الصلاة يوم الخندق، وأجاب الأولون عن هذا بأنه كان قبل نزول صلاة الخوف كما قال أبو سعيد الخدري في حديثه، لكن المؤلف أبا العباس لم يقتنع به حيث قال: وفي ذلك نظر، ولم يبيّن وجهة نظره، فيحتمل أنه لم يسلك في هذا مسلك الجمهور فيرى جواز تأخير الصلاة عند الاشتغال بالحرب كما فعل الصحابة ذلك في زمن عمر في وقعة تستر، وهو ما اختاره الإمام البخاري أيضًا، أو يقال: إنَّ المؤلف يرى أن تأخير الصلاة يوم الخندق كان نسيانًا كما قال الشافعية أو عمدًا لتعذر الطهارة كما قال المالكية والحنابلة لا لأجل أن صلاة الخوف لم تكن مشروعة لما روى ابن إسحاق كما في سيرة ابن هشام (٤/ ٢٠٤) والواقدي في مغازيه (١/ ٢٩٦) أن النبي صلى صلاة الخوف في غزوة ذات الرقاع والبخاري تعليقًا في المغازي (٣/ ١٢٠) (رقم: ٤١٢٥) من حديث عمران القطان عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن جابر قال: صلى رسول الله بأصحابه في الخوف في غزوة السابعة غزوة ذات الرقاع.
وغزوة ذات الرقاع كانت في السنة الرابعة قبل الخندق كما قال ابن عبد البر في الدرر (ص: ١٧٦).
انظر المسألة في: مختصر اختلاف العلماء للطحاوي (١/ ٣٦٥)، والمبسوط للسرخسي (٢/ ٤٨)، والمحلى (٣/ ٢٣٥)، والمجموع شرح المهذب (٤/ ٢٨٧)، وشرح النووي على صحيح مسلم (٥/ ١٣٠)، والمغني (٣/ ٢٩٨، ٣١٦، ٣١٨)، والاعتبار للحازمي (ص: ٢٢٤، ٢٢٥)، وتفسير ابن كثير (١/ ٣٠٣)، وفتح الباري (٢/ ٥٠٥، ٥٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>