للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= ترجيح مرسل سعيد على غيره، وإلى ما ذكره أبو الزناد من فتوى أهل العلم في العهد الأول، وهذا الأخير عاضد معتبر لتقوية المراسيل، لكن هناك عواضد أخرى يتقوى بها هذا المرسل: أحدها: ما أخرجه الحاكم في المستدرك (٢/ ٣٥) من طريق قتادة عن الحسن، عن سمرة: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الشاة باللحم"، وقال: "هذا حديث صحيح الإسناد، رواته عن آخرهم أئمة حفاظ ثقات، ولم يخرجاه، وقد احتج البخاري بالحسن عن سمرة".
وله طريق أخرى عند البيهقي في السنن الكبرى (٥/ ٢٩٦)، وقال: "وهذا إسناد صحيح، ومن أثبت سماع الحسن من سمرة عدَّه موصولًا، ومن لم يثبته فهو مرسل جيّد يُضم إلى مرسل سعيد بن المسيب والقاسم بن أبي بزة، وقول أبي بكر الصديق".
الثاني: هو ما أشار إليه البيهقي، وهو مرسل القاسم بن أبي بزة، رواه الإمام الشافعي في الأم (٣/ ٧١)، ومن طريقه رواه البيهقي في السنن الكبرى (٥/ ٢٩٦) من طريق مسلم، عن ابن جريج، عن القاسم بن أبي بزة قال: قدمت المدينة فوجدت جَزورًا، وفيه: "إنَّ رسول الله نهى أن يباع حي بميت".
وإسناده ضعيف، فيه ابن جريج وهو مدلس وقد عنعن، وفيه أيضًا مسلم بن خالد المخزومي، قال عنه في التقريب (رقم: ٦٦٢٥): "صدوق كثير الأوهام"، وفيه أيضًا شيخ القاسم مبهم لم يسمَّ. الثالث: قول أبي بكر الصديق، رواه الشافعي في الأم (٣/ ٧١)، وعبد الرزاق في المصنف (٨/ ٢٧) (رقم: ١٤١٦٥)، والبيهقي في السنن الكبرى (٥/ ٢٩٧) من طريق الشافعي، كلهم من طريق ابن أبي يحيى، عن صالح مولى التوأمة، عن ابن عباس، عن أبي بكر الصديق: "أنّه كره بيع الحيوان باللحم".
وهذا الأثر إسناده ضعيف جدًّا، فيه ابن أبي يحيى، وهو إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي، متروك، وصالح مولى التوأمة صدوق اختلط بأخرة كما في التقريب (رقم: ٢٨٩٢).
وقد أشار السيوطي في ألفيته (ص: ٢٥) إلى اعتضاد هذا المرسل بالعواضد المذكورة.
وأما ما ذكره المؤلف من قول الشافعي في تصحيح مراسيل سعيد فليس ذلك على إطلاقه، وإنّما هو محمول على الشروط التي ذكرها الشافعي في المرسِل والخبر المرسَل، كما قال البيهقي في مناقب الشافعي (٢/ ٣٢)، والنووي في الإرشاد (١/ ١٧١)، والمجموع (١/ ٦١).
على أنَّه ذكر البلقيني في محاسن الاصطلاح (ص: ٢٠٧ - مع علوم الحديث" عن الماوردي أن الشافعي كان يحتج بمراسيل سعيد بانفرادها في القديم، ومذهبه في الجديد أن مرسل سعيد وغيره ليس بحجة.

<<  <  ج: ص:  >  >>