وقال في العلل الكبيبر (١/ ٤١١): "سألت محمدًا عن هذا الحديث فقال: عبد الرحمن بن كعب عن جابر بن عبد الله في شهداء أحد هو حديث حسن، وحديث أسامة بن زيد عن ابن شهاب عن أنس غير محفوظ، غلط فيه أسامة بن زيد". قلت: إنما أنكر البخاري على أسامة بن زيد حديثه لما جاء عنه في بعض طرق حديثه عند أبي داود (٣/ ٥٠٠) (رقم: ٣١٣٧)، والحاكم في المستدرك (١/ ٣٦٥) من أن النَّبِيّ ﷺ لم يصل على أحد من الشهداء غيره، يعني حمزة، وهذا خلاف ما رواه الليث بن سعد عن ابن شهاب عن جابر من أن النَّبِيّ ﷺ لم يصل على أحد من شهداء أحد، وليث ثبت حافظ، فروايته أولى، لا سيما وإنَّ الذي خالفه هو أسامة بن زيد قد تكلَّم في حفظه، قال عنه ابن حبان في الثقات (٦/ ٧٤): "يخطئ"، وقال الحافظ في التقريب (رقم: ٣١٧): "صدوق يهم". وانظر فتح الباري (٣/ ٢٥٠)، والتلخيص الحبير (٢/ ١٢٣). وأما حديث الزهري عن غبد الله بن ثعلبة، عن النَّبِيِّ ﷺ فقد أخرجه النسائي في السنن كتاب: الجنائز، باب: مواراة الشهيد في دمه (٤/ ٣٨٢) (رقم: ٢٠٠١) - مختصرًا - وأحمد في المسند (٥/ ٤٣١) من طريق معمر. وابن أبي عاصم في الجهاد (٢/ ٤٨٦) (رقم: ١٧٧)، وفي الآحاد والمثاني (٥/ ٦٨) (رقم: ٢٦٠٨) من طريق صالح بن يزيد بن كيسان، كلاهما عن ابن شهاب، قال: حدَّثني عبد الله بن ثعلبة بن صُعير: أن رسول الله ﷺ قال: "زمِّلوهم بجراحهم"، وفيه: "أنا الشهيد على هؤلاء يوم القيامة". قال ابن حجر: "عبد الله له رؤية، فحديثه من حيث السماع مرسل، وقد رواه عبد الرزاق (في المصنف ٣/ ٥٤٠) (رقم: ٦٦٣٣) عن معمر، فزاد فيه: جابرًا … فيُحمل على أن الحديث عنده عن شيخين -يعني عبد الرحمن بن كعب وعبد الله بن ثعلبة- ولا سيما أن في رواية عبد الرحمن بن كعب ما ليس في رواية عبد الله بن ثعلبة". فتح الباري (٣/ ٢٤٩). (١) انظر: صحيح البخاري كتاب: الفتن، باب: ما جاء في قول الله تعالى: ﴿وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً﴾ وما كان النبي ﷺ يحذِّر من الفتن (٤/ ٣١٢) (رقم: ٧٠٥٠، ٧٠٥١)، وصحيح مسلم كتاب: الفضائل، باب: إثبات حوض النبي ﷺ وصفاته (٤/ ١٧٩٣) (رقم: ٢٦).