للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْخِلافَةِ حِينَ ارْتَدَّ النَّاسُ، وَقُمْتَ بِدِينِ اللَّهِ قِيَامًا لَمْ يُقِمْهُ خَلِيفَةُ نَبِيٍّ قَطُّ، فَوَثَبْتَ حِينَ ضَعُفَ أَصْحَابُكَ، وَنَهَضْتَ حِينَ وَهنُوا، وَلَزِمْتَ مِنْهَاجَ رَسُولِهِ بِرَغْمِ الْمُنَافِقِينَ وَغَيْظِ الْكَافِرِينَ، فَقُمْتَ بِالأَمْرِ حِينَ فَشِلُوا، وَمَضَيْتَ بِنُورِ اللَّهِ إِذْ وَقَفُوا، كُنْتَ أَعْلاهُمْ فَوقًا، وَأَقَلَّهُمْ كَلامًا، وَأَصْوَبَهُمْ مَنْطِقًا، وَأَطْوَلَهُمْ صَمْتًا، وَأَبْلَغَهُمْ قَوْلا، وَكُنْتَ أَكْبَرَهُمْ رَأْيًا، وَأَشْجَعَهُمْ قَلْبًا، وَأَشَدَّهُمْ يَقِينًا، وَأَحْسَنَهُمْ عَمَلا، وَأَعْرَفَهُمْ بِالأُمُورِ، كُنْتَ لِلدِّينِ يَعْسُوبًا، وَكُنْتَ لِلْمُؤْمِنِينَ أَبًا رَحِيمًا، إِذَا صَارُوا عَلَيْكَ عِيَالا، فَحَمَلْتَ أَثْقَالَ مَا عَنْهُ ضَعُفُوا، وَحَفِظْتَ مَا أَضَاعُوا وَرَعَيْتَ مَا أَهْمَلُوا، وَصَبَرْتَ إِذْ جَزِعُوا، وَأَدْرَكْتَ آثَارَ مَا طَلَبُوا، وَنَالُوا بِكَ مَا لَمْ يَحْتَسِبُوا، كُنْتَ عَلَى الْكَافِرِينَ عَذَابًا صَبًّا، وَلِلْمُسْلِمِينَ غَيْثًا وَخِصْبًا، وَفُطِرْتَ بِغِنَاهَا، وَقرت بِحَيَاهَا، وَذَهَبْتَ بِفَضَائِلِهَا، وَأَحْرَزْتَ سَوَابِقَهَا، لَمْ تُفْلَلْ حُجَّتُكَ، وَلَمْ يَزِغْ قَلْبُكَ، وَلَمْ تَضْعُفْ بَصِيرَتُكَ، وَلَمْ تَجْبُنْ نَفْسُكَ، كُنْتَ كَالْجَبَلِ لا تُحَرِّكُهُ الْعَوَاصِفُ وَلا تُزِيلُهُ الْقَوَاصِفُ، كُنْتَ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَمَنَّ النَّاسِ عَلَيْهِ بِصُحْبَتِكَ وَذَاتِ يَدِكَ» ، وَكَمَا قَالَ: " ضَعِيفًا فِي بَدَنِكَ، قَوِيًّا فِي أَمْرِ اللَّهِ، مُتَوَاضِعًا عَظِيمًا عِنْدَ الْمُسْلِمِينَ، جَلِيلا فِي الأَرْضِ، لَمْ يَكُنْ لأَحَدٍ فِيكَ مَهْمَزٌ، وَلا لِقَائِلٍ فِيكَ مَغْمَزٌ، وَلا فِيكَ مَطْمَعٌ، وَلا عِنْدَكَ هَوَادَةٌ لأَحَدٍ، الضَّعِيفُ الذَّلِيلُ عِنْدَكَ قَوِيٌّ حَتَّى تَأْخُذَ لَهُ بِحَقِّهِ، وَالْقَوِيُّ الْعَزِيزُ عِنْدَكَ ذَلِيلٌ حَتَّى يُؤْخَذَ مِنْهُ الْحَقُّ، وَالْقَرِيبُ وَالْبَعِيدُ عِنْدَكَ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ، شَأْنُكَ الْحَقُّ , وَالصِّدْقُ، وَالرِّفْقُ قَوْلُكَ، فَأَقْلَعْتَ وَقَدْ نَهَجَ السَّبِيلُ وَاعْتَدَلَ بِكَ الدِّينُ، وَقَوِيَ الإِيمَانُ، وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ، وَلَوْ كَرِهَ

<<  <  ج: ص:  >  >>