بَابٌ
٣٠٤٢ - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ نَصْرٍ، ثنا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ بَهْرَامَ، ثنا شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ غَنْمٍ، عَنْ حَدِيثِ الْحَارِثِ بْنِ عُمَيْرَةَ، أَنَّهُ قَدِمَ مَعَ مُعَاذٍ مِنَ الْيَمَنِ فَمَكَثَ مَعَهُ فِي دَارِهِ وَفِي مَنْزِلِهِ، فَأَصَابَهُمُ الطَّاعُونُ، فَطُعِنَ مُعَاذٌ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ، وَشُرَحْبِيلُ بْنُ حَسَنَةَ، وَأَبُو مَالِكٍ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ، وَكَانَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ حِينَ حَسَّ بِالطَّاعُونِ فَرَّ، وَفَرِقَ فَرَقًا شَدِيدًا، وَقَالَ: يَأَيُّهَا النَّاسُ: تَفَرَّقُوا، فِي هَذِهِ الشِّعَابِ , فَقَدْ نَزَلَ بِكُمْ أَمْرٌ مِنَ اللَّهِ، لا أَرَاهُ إِلا رِجْزٌ، وَطَاعُونٌ، فَقَالَ لَهُ شُرَحْبِيلُ بْنُ حَسَنَةَ: كَذَبْتَ، قَدْ صَحِبْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنْتَ أَضَلُّ مِنْ حِمَارِ أَهْلِكَ، فَقَالَ عَمْرٌو: صَدَقْتَ، فَقَالَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ لِعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: كَذَبْتَ، لَيْسَ بِالطَّاعُونِ وَلا الرِّجْزِ، وَلَكِنَّهَا رَحْمَةُ رَبِّكُمْ، وَدَعْوَةُ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَبْضُ الصَّالِحِينَ، اللَّهُمَّ، فَآتِ آلَ مُعَاذٍ النَّصِيبَ الأَوْفَرَ مِنْ هَذِهِ الرَّحْمَةِ، قَالَ: فَمَا أَمْسَى حَتَّى طُعِنَ ابْنُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَإِنَّهُ أَحَبُّ الْخَلْقِ إِلَيْهِ، الَّذِي كَانَ يُكْنَى بِهِ، فَرَجَعَ مُعَاذٌ مِنَ الْمَسْجِدِ فَوَجَدَهُ مَكْرُوبًا، فَقَالَ، يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ! كَيْفَ أَنْتَ؟ فَاسْتَجَابَ لَهُ، فَقَالَ: {الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ} [البقرة: ١٤٧] فَقَالَ مُعَاذٌ: «وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ» فَمَاتَ مِنْ لَيْلَتِهِ، وَدَفَنَهُ مِنَ الْغَدِ، فَجَعَلَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ يُرْسِلُ الْحَارِثَ بْنَ عُمَيْرَةَ إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ يَسْأَلُهُ كَيْفَ هُوَ؟ فَأَرَاهُ أَبُو عُبَيْدَةَ، طَعْنَةً بِكَفِّهِ، فَبَكَى الْحَارِثُ بْنُ عُمَيْرَةَ إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ، وَفَرِقَ مِنْهَا، حِينَ رَآهَا، فَأَقْسَمَ أَبُو عُبَيْدَةَ بِاللَّهِ مَا يُحِبُّ أَنَّ لَهُ مَكَانَهَا حُمُرَ النَّعَمِ، قَالَ: فَرَجَعَ الْحَارِثُ إِلَى مُعَاذٍ، فَوَجَدَهُ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ، فَبَكَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute