للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال تعالى: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ (٥٤) فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ} [القمر: ٥٤، ٥٥] فسمى الجنَّة مقعد صدق لحصول ما يراد من المقعد الحسن كما يقال: مودة صادقة إذا كانت ثابتةً وموضوعُ هذه اللفظة في كلامهم الصحة والكمال ومنه قوله - صلى الله عليه وسلم -: "الصدقُ يهدي إلى البرِ، والبرُ يهدي إلى الجنَّةِ" (١). ومنه الصدق في الحديثِ، والصدقُ في العملِ، والصديقُ الذي يصدق قوله بالعمل.

وفسر قدم الصدق بالجنَّةِ، وفسر بالأعمالِ التي تُنالُ بها الجنةُ، وفسر بالسابقة التي سبقت لهم من الله، وفسر بالرسول الذي على يده وهدايته نالوا ذلك. قال المحققُ: والتحقيق أنَّ الجميعَ حق فإنَّهم سبقتْ لهم مِنَ اللهِ السابقة بالأسبابِ التي قدَّرَها لهم على يدِ رسوله وادَّخرَ لهم جزاءها يومَ القيامةِ ولسانُ الصِّدقِ هو لسان الثناءِ الصادقِ بمحاسن الأفعال وجميلِ الطرائق وفي كونه لسان صدق إشارة إلى مطابقته للواقع، وأنَّه ثناءٌ بحق لا بباطل.

ومدخلُ الصِّدقِ، ومخرج الصدق هو المدخل والمخرج الذي يكون صاحبه فيه ضامنًا على اللهِ وهو دخوله وخروجه بالله ولله وهذه الدَّعوة مِنْ أنفع الدعاء للعبد فإنَّه لا يزال داخلًا في أمرٍ وخارجًا من آخر فمتى كان دخولُه للهِ وباللهِ وخروجه كذلك كان قَدْ ادخلَ مدخل صدقٍ وأخرج مخرج صدق. والله أعلم (٢).


(١) رواه البُخاريّ (٦٠٩٤)، ومسلم (٢٦٠٧).
(٢) "حادي الأرواح" ١٤٣ - ١٤٧.