للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما التعليل: فإنَّ الله سبحانه وتعالى أحلَّ للرجل أنْ يأخذ أربعة من النّساء، ولا يحل للمرأة أنْ تجمع بين زوجين بخلاف الرَّجل فإن للحرّ أنْ يجمع بين أربع، وللرقيق أن يجمع بين ثنتين والذي يليق بحكمة أحكم الحاكمين، بل الذي تقتضيه الحكمة أن يكون النساء في الدنيا أكثر من الرجالِ؛ لأن فعل البارئ سبحانه مقرون بالحكمة، وليس من الحكمة أن يجعل للكثير جمعًا من القليل، بل الحكمة تقتضي أن يكون الكثير متوزعًا على القليل فلمَّا نظرنا إلى حكمةِ البارئ، ورأيناه جلّ شأنه أحلّ للرجل الجمع بين أربع في آن واحد علمنا أنَّ النّساء أكثر مِنَ الرِّجالِ، وهذه النكتة والتعليل لم أر من سبقني إليها، والظاهر أنَّهم تكلَّموا وإنْ لم أره. والله أعلم.

ثم رأيت عبارة لطيفة للإمام ابن عقيل نقلها عنه في "الفروع" (١) ونصه في الفنون قال فقيه: شهوة المرأةِ فوق شهوة الرَّجل تسعة أجزاء، فقال حنبلي: لو كان هذا، ما كان له أنْ يتزوج بأربع، وينكح من الإماءِ ما شاء، ولا تزيد المرأة على رجل، ولها من القسم الرُّبع، وحاشا حكمته أنْ يضيق على الأحوجِ. فهذا فيه تلميح لما ذكرنا والله تعالى أعلم (٢).


(١) "الفروع" (٨/ ٢٤٩).
(٢) وذكر ابن عبد البر عن أبي هريرة رضي الله عنه وبعضهم يرفعه: "فضلت المرأة على الرجل بتسعة وتسعين جزءًا من اللذة، أو قال من الشهوة، ولكن الله ألقى عليهن الحياء". أخرجه البيهقي في "الشعب" (٧٧٧٣)، وقوى ابن القيم في "أعلام الموقعين" كون الرجل أشد شهوة من المرأة، وأن حرارته أقوى من حرارة المرأة، وأمعن في ذلك. إلخ.