للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثالث: إنهم لا يستمرون على هذا القول أبد الآباد كلما أكلوا ثمرة واحدة قالوا: هذا الذي رزقناه في الدنيا، ويستمرون على هذا الكلام دائمًا إلى غير نهاية، والقرآن العزيز لم يقصد إلى هذا المعنى، ولا هو مما يعتنى به من نعيمهم ولذتهم، وإنَّما هو كلام مبين خارج على المعتاد المفهوم من الخاطب، ومعناه: أنَّه يشبه بعضه بعضًا ليس أوّله خيرًا من آخره والله تعالى أعلم.

وقال تعالى: {يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ (٥٥)} [الدخان: ٥٥]. وقال: {يَدْعُونَ فِيهَا بِفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرَابٍ} [ص: ٥١]. وقال: {وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٧٢) لَكُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا تَأْكُلُونَ (٧٣)} [الزخرف: ٧٢]. وقال تعالى: {وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ (٣٢) لَا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ (٣٣)} [الواقعة: ٣٢، ٣٣]: أي لا تكون في وقت دون وقت ولا تمنع ممن أرادها.

وقال تعالى: {فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ (٢١) فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ (٢٢) قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ (٢٣)} [الحاقة: ٢١ - ٢٣] والقطوف: جمع قطف، والقطف بالفتح الفعل، يعني: المصدر أي: ثمارها دانية قريبة يتناولها فيأخذها كيف شاء. قال: البراء بن عازب رضي الله عنهما: يتناول الثمرة وهو نائم.

قال تعالى: {وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا (١٤)} [الإنسان: ١٤]. قال ابن عباس رضي الله عنهما: إذا همّ أنْ يتناول مِنْ ثمارها تدلت إليه حتى يتناول ما يريد. وقال غيره: قربت إليهم مذللة كيف شاءوا فهم يتناولونها قيامًا وقعودًا أو