للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عن ابن عباس وابن مسعودٍ معًا قالا: لمّا اتخذ اللهُ إبراهيمَ خليلًا سأل ملكُ الموت ربّه أنْ يأذنَ له، فيبشره بذلك فأذن له، في إبراهيمَ فبشرّه، فقال: الحمدُ لله. ثم قال: يا مَلكَ الموت أرني كيف تقبض أنفاس الكفار. قال: يا إبراهيم، لا تطيق قال: بلى فأعرض ثم نظر فإذا برجُل أسود، ينال رأسه السّماء يخرجُ من فيه لهب النار، ليس من شعرة في جسده، إلَّا في صورة رَجُل يخرجُ من مسامعه لهبُ النار، فغشي على إبراهيم ثم أفاق وقد تحوّل ملكُ الموت في الصّورة الأولى، فقال: يا ملك الموت؛ لو لم ير الكافر من النار والخزي إلّا صورتك لكفاه، فأرني كيفَ تقبضُ أرواح المؤمنين. قال: أعرضْ ثمَّ التفَتَ فإذا هو برجل شابّ أحسنُ النّاس وَجْهًا وأطيَبُه ريحًا في ثيابِ بيض، فقال: يا ملك الموت لو لم يَر المؤمن عندَ موته من قُرّة العيني والكرامة إلّا صورتك لكان يكفيه.

وأخرجَ الإمام أحمدُ، وأبو الشيخ وأبو نعيم عن مجاهد قال: جُعلت الأرض لملك الموت مثل الطست، يتناول من حيث شاء، وجُعل لهُ أعوان يتوفونَ الأنفُسَ، ثمَّ يقبضُها مِنهُم (١).

وأخرجَ ابن أبي الدُنيا: قيلَ لملك الموتِ ما مِنْ نَفْسٍ منفوسة إلا وأنت تقبض روحها؟ قال: نعم. قيل: كيف وأنت هاهنا والأنفس في أطراف الأرض؟ قال: إنّ الله سَخّرَ لي الدُنيا فهيَ كالطست، يُوضع


(١) رواه الطبري ٧/ ٢١٧، وأبو الشيخ (٤٣٦)، وأبو نعيم ٣/ ٢٨٦ وإسناده إلى مجاهد حسن.