للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الجنَّة ففي خمر الدنيا الصداع، والغول والإنزاف، واللغو، وعدم اللذة فهذه خمسة آفات تغتالُ العقل، وتكثير اللغو. على شرابها، بل لا يطيب لشرابها ذلك إلا باللغو، وتنزف في نفسها وينزف المال، وتصاع الرأس، وهي كريهة المذاق، وهي رجس من عمل الشَّيطان توقع العداوة والبغضاء بين الناس، وتصدّ عن ذكر الله وعن الصلاة، وتدعوا إلى الزنا، وربما دعت إلى الوقوع على البنت وعلى الأخت وذوات المحارم، وتذهب الغيرة، وتورث الخزي والندامة والفضيحة، وتلحق شرابها بانقص نوع الإنسان، يعني: المجانين، وتسلبه أحسن الأسماء والصفات يعني: العقل، وتكسوه أقبحهما، وتسهل قتل النفس، وإفشاء السر الذي في إفشائه مضرة، ومؤاخاة الشياطين في تبذير المالِ، ويكفي في ذمها أنها أمّ الخبائث فهي جامعة لجميع المفاسد والمحرمات ومانعة من جميع المصالح والخيرات، على أنَّها لا تجتمع هي وخمرة الجنَّة في جوف كما ثبت ذلك عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "من شرب الخمر في الدنيا لم يشربها في الآخرة" (١).

وجمع سبحانه وتعالى بين هذه الأنهار الأربع؛ لأنَّ أنهار الماء فيها ريهم ونضافتهم، وأنهار اللبن فيها قوتهم وغذاؤهم، وأنهار الخمر فيها لذتهم وسرورهم، وأنهار العسل فيها شْفاؤهم ومنفعتهم،


(١) البخاري (٥٥٧٥) مسلم (٢٠٠٣) رواه ابن ماجه (٣٣٧٤) في كتاب: الأشربة، باب: من شرب خمر الدنيا لم يشربها في الآخرة.
والنسائي في "السنن الكبرى" ٣/ ٢٣٠ (٥١٨١)، ٣/ ٢٣١ (٥١٨٣)، (٥١٨٤) في كتاب: الأشربة، باب: توبة شارب الخمر وكلهم عن ابن عمر انظر ص ١١٢٤ ت (٣).