للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

للظرفية، والعين اسم للمكان كما تقول كنا بمكان كذا وكذا ونظير هذا التضمن قوله تعالى: {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ} [الحج: ٢٥] أي يهم فعدي تعديته.

وقال تعالى: {وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلًا (١٧) عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا (١٨)} [الإنسان: ١٧، ١٨] فأخبر سبحانه عن العين التي يشرب بها المقربون صرفا، وأن شراب الأبرار يمزج منها؛ لأنَّ أولئك أخلصوا الأعمال كلها فأخلص شرابهم، وهؤلاء مزجوا فمزج شرابها، ونظير هذا قوله تعالى: {إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (٢٢) عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ (٢٣) تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ (٢٤) يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ (٢٥) خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ (٢٦) وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ (٢٧) عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ (٢٨)} [المطففين: ٢٢ - ٢٨]. فأخبر سبحانه أن مزاج شرابهم بشيئين بالكافور في أولِ السورة، والزنجبيل في آخرها، فإن في الكافور من البرد وطيب الرائحة، وفي الزنجبيل من الحرارة وطيب الرائحة ما يحدث لهم باجتماع الشرابين، ومجيء أحدهما على أثر الآخر حالة أخرى أكمل وأطيب وألذ من كلّ واحد منهما بانفراده، وتعدل كيفية كلّ منهما بكيفية الآخر، وما ألطف موقع ذكر الكافور في أول السورة، والزنجبيل في آخرها فإنَّ شرابهم مزج أولاً بالكافور وفيه من البرد ما يجيء الزنجبيل بعده فيعدله، والظاهر أن الكأس الثاني غير الأولى وأنهما نوعان لذيذان من الشراب أحدهما: مزج بكافور، والثاني: مزج بزنجبيل.