للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال في "حادي الأرواح" (١) في قوله تعالى: {عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا (١٨)} [الإنسان: ١٨]، قال بعضهم إنها جملة مركبة من فعل وفاعل، وسلسبيلا: منصوب على المفعول أي: سلسبيلًا إليها قال: وليس هذا بشيء، وإنما السلسبيل كلمة مفردة وهي اسم للعين نفسها باعتبار صفتها.

وقال قتادة في اشتقاقها (٢): سلسلة لهم يصرفونها حيث شاؤا، وهو من الاشتقاق الأكبر. وقال مجاهد: سلسلة السبيل حديدة الجّرْيَة. وقال أبو العتاهية (٣): تسيل عليهم في الطرق، وفي منازلهم، وهذا من سلاستها، وحدة جريتها. وقال آخرون: معناها طيب الطعم والمذاق. وقال أبو إسحق: سلسبيل: صفة لما كان في غاية السلاسة فسميت العين بذلك وصوّب ابن الانباري أنَّ سلسبيل صفة للماء وليس باسم العين، واحتج بأن سلسبيل مصروف، ولو كان اسمًا للعين لمنع من الصرف، وأيضًا فإن ابن عباس رضي الله عنهما قال: معناه أنها تسيل في حلوقهم انسلالا، وردّه الإمام المحقق (٤) بأنَّ الصرف إنَّما هو لاقتضاء رؤوس الآى له كنظائره، وأمَّا قول ابن عباس فإنّما يدل على أنَّ العين سميت بذلك باعتبار صفة السلاسة والسهولة - والله أعلم - ومما قررنا عُلِمَ أنَّ المختار أنَّ العينَ تسمّى سلسبيلًا ليس إلَّا ولذا قيل شعر:


(١) "حادي الأرواح" ص ٢٧٣.
(٢) في (ب): انشقاقها.
(٣) في (ب): أبو العالية وهو أصح.
(٤) "حادي الأرواح" ص ٢٧٤.