للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقع عليه، والرفرف: ثياب خضر تتخذ منها المجالس، الواحدة رفرفة، وقال ابن مسعود في قوله تعالى: {لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى (١٨)} [النجم: ١٨]: رفرفًا أخضر سد الأفق. متفق عليه (١).

وتقدم أنَّ العبقري (٢): البسط، وقيل: موضع في البادية كثير الجِّن، يقال: كأنهم جن عبقر، فنسب إلى ذلك، وهي الأرض التي سلكها الجن فصار مثلًا منسوبًا إلى شيء رفيع، وأنشد أبو عبيد لزهير:

يخيل عليها جنَّه عبقرية ... جديرون يومَا أنْ ينالو فيشعلوا

قال الواحدي: وهذا الصحيح في العبقري؛ لأنَّ العربَ إذا بالغت في وصف شيء نسبته إلى الجن، وشبهته بهم، ومنه قول لبيدة:

جنى الندى رواسيا أقدامها ...............................

وقال آخر في وصفه امرأة:

جنية ولها جنّيّ يعلمها ... رمى القلوب بقوس ما لها وتر

وذلك لأنهم يعتمدون (٣) كلّ صفة عجيبة في الجن، وأنَّهم يأتون بكلِّ أمر عجيب، قال في "حادي الأرواح" (٤): ولما كان عبقر معروفًا بسكناهم، نسبوا كلِّ شيءٍ مبالغ فيها إليها، يريدون بذلك أنَّه منْ عملهم، وصنعهم، هذا هو الأصل، ثُمَّ صار العبقري اسمًا، ونعتًا لكلِّ ما بولغ في صفته ومنه قوله - صلى الله عليه وسلم - حين ذكر عمر: "فلم أر عبقريًا


(١) البخاري (٣٢٣٣، ٤٨٥٨).
(٢) "معجم البلدان" ٤/ ٧٩.
(٣) في (ب): يعتقدون.
(٤) "حادي الأرواح" ص ٣٠، ٣١.