للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً (٣٥)} خلقًا آخر يحشرون يوم القيامةِ عراة حفاة غرلًا، وأول من يكسى إبراهيم خليل الرحمن". ثُمَ قرأ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: {إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً (٣٥)} (١)

وذكر مقاتل أن المراد بهنَّ الحور العين، اختاره الزجاج أي: أنشأهن سبحانه لأوليائه لم تقع عليهن ولادة (٢)، وظاهر كلام "المحقق" الميل إلى هذا، وأنَّ الحديث لا يدل على أختصاص العجائز المذكورات بهذا الوصف، بل يدل على مشاركتهن للحور العين في هذه الصفات المذكورة فلا يتوهم (٣) أنفراد الحور العين بذلك، نعم هنّ أحق بذلك منهن، فالإنشاء واقع على الصنفين.

وقوله: {عُرُبًا} جمع عروب وهنَّ: المحببات إلى أزواجهن. قال أبو عبيدة: العروبة: الحسنة التبعل. قال في "حادي الأرواح" (٤): يريد حسن موافقتها، وملاطفتها لزوجها عند الجماع. وقال المبرد: هي العاشقة لزوجها، وأنشد لبيد في ذلك:

وفي الخروج عروب غير فاحشة ... ريا الراودف يغشى دونها البصر

وقيل: هي الغنجة وهي لغة المدينة. قال في "حادي الأرواح" (٥): جَمَع سبحانه بين حسن صورتها، وحسن عشرتها، وهذا غاية ما يطلب من النساء وبه تكمل لذة الرجل بالمرأة التي لم يطأها سواه.


(١) ابن جرير (١٧/ ٨٠)، وأبو نعيم في "أخبار أصفهان" (٢/ ١٤٢)، و"البعث والنشور" للبيهقي (٣٤٣).
(٢) "زاد المسير" ٨/ ١٤٢.
(٣) في (ب): نفهم.
(٤) "حادي الأرواح" ص ٣٢٦.
(٥) "حادي الأرواح" ص ٣٢٧.