للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الذين كانوا لهم في الدُّنيا بهم في الآخرة ولو كان ينشئ لهم في الجنَّة ذرية أخرى لذكرهم كما ذكر ذريتهم الذين كانوا في الدُّنيا؛ لأنَّ قرةَ عيونهم كانت تكون بهم كما هي بذرياتهم من أهل الدُّنيا.

الثامن: إمَّا أنْ يقالَ باستمرار التناسل فيها أو إلى غاية، ثُمَّ ينقطع وكلاهما باطل أمَّا الأول: فلاستلزامه اجتماع أشخاص لا تناهي لها وأمَّا الثاني: فلاستلزامه انقطاع نوع من لذة أهل الجنَّة، وسرورهم لا يقال: يتناسل (١) يموت نسل، ويخلفهم نسل إذ لا موت ثَمَّ.

التاسع: إنَّ الجنَّة لا ينموا فيها الإنسان كما ينمو في الدُّنيا فلا ولدان أهلها ينمون ويكبرون، ولا الرِّجال ينمون بل هؤلاء ولدان صغار لا يتغيرون، وهؤلاء أبناء ثلاث وثلاثين لا يتغيَّرون فلو كانَ في الجنَّة ولادة لكان المولود ينمو ضرورة حتَّى يصير رجلًا ومعلوم أنَّ مَنْ مات من الأطفال يردون أبناء ثلاث وثلاثين سنة من غير نمو يوضحه الوجه العاشر: إن الله سبحانه وتعالى ينشئ أهل الجنَّةِ نشأة الملائكةِ أو أكمل من نشأتهم بحيث لا يبولون، ولا يتغوطون، ولا ينامون، ولا يهرمون على تطاول الأحقاب، ولا تنمو أجسادهم يُلهمون التَّسبيح كالنَّفَسِ من غير كلفة.

فإن قلت: ماذا تقول في قول الأستاذِ أبي سهل (٢) فيما نقله عنه


(١) في (ب): تناسل.
(٢) ذكره البيهقي في "البعث" حديث (٣٩٨).