للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحاكم أنَّه قال: أهل الزيغ ينكرون هذا الحديث (يعني حديث الولادة في الجنَّة) وقد روي فيه غير إسناد وسئل النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك فقال: يكون ذلك على نحو ما أسلفنا. قال: وهذا الله يقول: {وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ} [الزخرف: ٧١]، وليس بالمستحيل أن يشتهي المؤمن الممكن من شهواته، وقرة عين، وثمرة فؤاد؟ قلنا: النافون (١) لِلْولادةِ في الجنَّة لم ينفوها لزيغ في قلوبهم بل لثبوت الأحاديث، والآثارِ التي ذكرناها وأقوال السلف والخلف، نعم للعلماء في ذلك مذهبان وقد ذكرناهما. وحديث أبي سعيد أجود أسانيده إسناد الترمذي (٢)، وقد حكم عليه بالغرابة وأنَّه لا يعرف إلَّا من حديث أبي الصديق الناجي وقد اضطرب لفظه فتارة يروي عنه: "إذا اشتهى الولد" وتارة: "إنَّه يشتهي الولد" وتارة "إن الرَّجلَ مِنْ أهل الجنَّةِ ليولد له" وقوله: "إذا اشتهى الولد" معلق بالشرط ولا يلزم مِنَ التَّعليق وقوع المعلق، ولا المعلق به وإذا كانت ظاهرة في المحقق فقد تستعمل لمجرد التعليق الأعم من المحقق، وغيره.

قال في "حادي الأرواح" (٣) بعد ذكره للقولين مع ترجيح عدم الولادة وذكر حديث أبي سعيد: إن كان النَّبىّ - صلى الله عليه وسلم - قد قاله فهو الحق الذي لا شك فيه. وهذه الألفاظ لا تنافي بينها ولا تناقض


(١) في (ب): الناقلون.
(٢) انظر ص ١١٧١، ١١٧٢.
(٣) "حادي الأرواح" ص ٣٥٧، انظر ص ١١٧١.