للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هريرة رضي الله عنه بلفظ: "لقيد سوط أحدكم من الجنَّة خير ممَّا بين السَّماء والأرض" (١) وإسناده على شرطهما. ومعنى قيد: قدر.

وفي الباب عن أنس، وأبي سعيد، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وغيرهم رضي الله عنهم: وإنَّما كانَ موضع سوط في الجنَّة خيرًا من الدُّنيا وما فيها؛ لكونه لا يفنى، ولا يبيد، ولا يشوبه هم، ولا حزن، ولا تنكيد مع رضى الملك المجيد، وقرة العين بخلاف الدُّنيا بحذافيرها فإنَّها مشوبة بالأوصابِ وحلوها صاب. والله أعلم بالصواب.

قال في "حادي الأرواح" (٢): وكيف يقدر قدر دارٍ غرسها الله بيده، وجعلها مقّرًا لأحبابه، وملأها من كرامته ورحمته ورضوانه، ووصفَ نعيمها بالفوز العظيم، وملكها بالملك الكبير، وأودعها جميعَ الخير بحذافيره، وطهرها من كلّ عيب وآفة ونقص فأرضها الزعفران، وتربتها المسك، وسقفها عرش الرحمن، وملاطها المسك الأذفر، وحصاؤها اللؤلؤ والجوهر، وبناؤها لبنة من فضة وأخرى من ذهب، وساقات شجرها الذهب الأحمر والفضة لا من الخشب، وثمرها كالقلال ألين من الزبد وأحلى من العسل، وورقها من أحسن ما يكون من رقائق الحللِ، وأنهارها من لبن لم يتغير طعمه وخمر لذة للشاربين ومن عسل مصفى وماء غير آسن، وطعام أهلها فاكهة ممَّا يتخيرون


(١) رواه أحمد ٢/ ٣١٥. حديث أنس (٣/ ١٣٢)، أبي سعيد هناد في "الزهد" (٥).
(٢) "حادي الأرواح" ٣٩٦، ٣٩٧.