واختلف العلماء: ما المراد بالذرية؟ فقالت طائفة: المعنى: والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان فأتوا بمثل ما أتوا به من الإيمان فألحقناهم بهم في الدرجات فالمراد بالذرية: الكبار، وقد أطلق الله الذرية عليهم في قوله:{وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ}[الأنعام: ٨٤]. وفي قوله {ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ}[الإسراء: ٣] ويدل عليه قول ابن عباس (١) يرفعه: "إن الله يرفع ذرية المؤمن إلى درجته وإن كان دونه في العمل لتقر بهم عينه". فهذا يدل على أنهم كبار لأنهم من أهل العمل كما نطق به الحديث.
وقالت طائفة أخرى: المراد بالذرية هنا: الصغار، والمعنى الذين آمنوا وأتبعناهم ذرياتهم في إيمان الآباء، والذرية تبع الآباء وإن كانوا صغارًا في الإيمان وأحكامه من الميراث، والدية والدفن وغير ذلك فعلى هذا قوله:{بِإِيمَانٍ} في موضع نصب على الحال من المفعولين أي وأتبعناهم ذرياتهم بإيمان الآباء، ويدل على هذا أن التابعين لهم حكم أنفسهم في الثواب، والعقاب ولو كان المراد بالذرية البالغين لكان أولاد الصحابة البالغون كلهم في درجة آبائهم، ويكون أولادهم كذلك، وكذا أولاد أولادهم، وهلم جرا إلى ما لا نهاية فيلزم أن يكون جميع الناس في درجة واحدة، ولا قائل به.
(١) رواه الطبري في "التفسير" ١١/ ٤٨٨ (٣٢٣٤٠)، وهناد في "الزهد" (١٧٩). الحاكم (٢/ ٤٦٨) البيهقي (١٠/ ٢٦٨).