للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إن مثلي ومثلكم كمثل رجل أوقد نارًا فجعل الجنادب، والفراش يقعن فيها وهو يدعهن عنها وأنا آخذ بحجزكم عن النار وأنتم تتفلتون من يدي" (١) دواب مثل البعوض واحدتها فراشة وهي التي تطير، وتتهافت في السراج بسبب ضعف أبصارها فهي لضعف بصرها تطلب ضوءَ النَّار فإذا رأت المسكينة السراج في الليل ظنت أنها في بيت مظلم، وأن السراج كوة في البيت المظلم فتقصد الموضع المضيء ولا تزال تطلب الضوء، وترمي نفسها إلى الكوة فإذا جاوزتها، ورأت الظلام ظنت أنها لم تصب الكوة ولم تقصدها على السداد فتعود إليها مرة أخرى حتى تحترق.

قال الإمام الغزالي: ولعلك تظن أن هذا لنقصان عقلها، وكثرة جهلها فاعلم أنَّ جهل الإنسان أعظم من جهلها بل صورة الإنسان في الإكباب على الشهوات كالتهافت على النَّار فلا يزال يرمي نفسه فيها إلى أن ينغمس فيها، ويهلك هلاكًا مؤبدًا فليت جهل الآدمي كان كجهل الفراش فإن باغترارها بظاهر الضوء إن احترقت تخلصت في الحال والآدمي يبقى في النار أبد الآباد، أو مدة مديدة. انتهى.

والجنادب: ضرب من الجراد واحدها جندب مثلث الدال قال سيبويه: النون فيه زائدة. وقيل: هو ذكر الجراد. والصحيح أنَّ الجندب غير الجراد كما هو معروف. والله تعالى أعلم.


(١) رواه مسلم (٢٢٨٥) في الفضائل، باب: شفقته صلى الله عليه وسلم على أمته ومبالغته في تحذيرهم مما يضرهم.